فان دخله في ظرف المرض لايكون الا في وجود ما هو المتصف بكونه مصلحة ومحتاجا إليه فارغا عن أصل الاتصاف بالوصف العنواني ، وحينئذ فكل واحد من المرض وشرب الدواء والمسهل وان كان دخيلا في مصلحة الاسهال الا ان دخل كل على نحو يغاير دخل الآخر ، من حيث كون دخل أحدهما في أصل الاحتياج واتصاف الأثر بكونه صلاحا ومصلحة مع قطع النظر عن تحققه في الخارج ، وكون دخل الآخر في وجود ما هو المتصف بالمصلحة والصلاح وتحققه فارغا عن أصل اتصافه بالوصف العنواني المزبور.
ومن ذلك البيان ظهر اختلاف مثل هذين القيدين بحسب المرتبة أيضا باعتبار دخل الأول في اتصاف الذات بالوصف العنواني والثاني في تحقق ما هو المتصف خارجا فان في مثل ذلك لا محالة ما هو من قبيل الأول يكون في رتبة سابقة على ما كان من قبيل الثاني ، من جهة انه بدونه لايكاد يتحقق موضوع المتصف كي ينتهى إلى مقام دخل قيود وجود المتصف ، ولذلك أيضا بدون قيود الاتصاف لايكاد الانتفاء الا بنحو السلب بانتفاء الموضوع ، بخلافه في فرض تحقق قيود الاتصاف ، إذ حينئذ يكون انتفاء المصلحة بانتفاء قيود المحتاج إليه من قبيل السلب بانتفاء المحمول ، نظراً إلى تحقق الاتصاف بالوصف العنواني بمجرد تحقق قيود الاتصاف ، كما هو واضح.
وبعد ما عرفت ذلك نقول : بأنه بعد أن كان قيود الوجوب والتكليف من القيود الراجعة إلى أصل اتصاف الذات بالوصف العنواني وبكونها صلاحا ومصلحة قبال قيود الواجب الراجعة إلى وجود ما هو المتصف فارغا عن أصل الاتصاف بالوصف العنواني فلا محالة يلزمه عدم وجوب تحصيلها أيضا نظراً إلى خروجها حينئذ عن حيز الطلب والإرادة بل وعن مباديها من الاشتياق والمحبوبية أيضا وصيرورة الإرادة بمباديها منوطة بفرض تحققها من باب الاتفاق ، نظراً إلى ما يقتضيه حينئذ جبلة النفس وفطرته من عدم كون الانسان بصدد تحصيل الاحتياج إلى الشيء وجعل نفسه محتاجا إليه ، بل وعدم اشتياقه إليه أيضا الا لأجل رفع احتياج أعظم وصيرورته من مقدمات وجود محتاج إليه آخر ، كما يشهد لذلك المثال المزبور حيث ترى ان الانسان بمقتضي جبلته لايكون بصدد تحصيل المرض كي به يتصف الاسهال بالوصف العنواني ويصير في حقه ذا مصلحة وصلاح ، بل ولا كان له اشتياق ولا ميل إليه ، بل ولعله يكون مبغوضا عنده فضلا عن