وبعد ذلك نقول : ان التعريف المزبور وان كان يشمل جميع الأقسام المزبورة ، حيث ينطبق على الجميع التعريف المزبور بأنه ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق ، الا انه نقول بان المراد من المفهوم المصطلح في المقام ما هو من قبيل القسم الأخير الذي كانت الملازمة في غاية الوضوح بنحو يكفي في الانتقال إلى اللازم مجرد تصور الملزوم من دون احتياج في الانتقال إليه إلى الانتقال إلى الملازمة بينهما والالتفات إليها تفصيلا أو اجمالا ، لا مطلق ما يلازم الشيء ويستتبعه ، وعليه فيخرج من المفهوم المصطلح ما يكون من قبيل الأولين كالآيتين ونحوهما مما لم يكن اللزوم فيه من البين الأخص ، بحيث يحتاج في الانتقال إليه إلى الالتفات بالملازمة تفصيلا أم اجمالا ولايكفيه مجرد تصور الملزوم.
نعم على ذلك يدخل في التعريف المزبور باب الكنايات كالحاتم والجود ونحوه مما كان اللزوم فيه من البين الأخص ومع ذلك لايكون من المفهوم المصطلح ، فمن ذلك عرفوه بوجه آخر ، تارة بأنه حكم لغير مذكور ، وأخرى بأنه حكم غير مذكور لازم لحكم مذكور ، حيث إن الغرض من العدول إلى هذا التعريف انما هو اخراج المفردات كالحاتم والجود ، وتخصيص المفهوم المصطلح بالقضايا وان كان الأولى حينئذ تعريفه بأنه قضية غير مذكورة اما بحكمها أو بموضوعها لازمة لقضية مذكورة ، ووجه أولوية ذلك سلامته عما أورد على التعريفين المزبورين ، حيث أورد على الأول بلزوم خروج مفهوم الشرط الذي هو من اجل المفاهيم عن التعريف ، نظراً إلى كون الموضوع فيه مذكورا ، في القضية اللفظية حيث كان الموضوع في طرف المفهوم في قوله ( ان جائك زيد فأكرمه ) هو زيد المذكور في القضية ، وعلى الثاني بلزوم خروج مفهوم الموافقة في نحو قوله ( لا تهن عبد زيد ) الدال على حرمة إهانة زيد بالأولوية ، وهذا بخلافه على ما ذكرنا من التعريف حيث إن فيه جمعا بين الجهات.
وعلى أي حال فيعتبر في المفهوم المصطلح ان يكون الحكم المعلق في القضية اللفظية هو سنخ الحكم والطبيعة المطلقة دون شخص الحكم ، والا فيخرج عن المفهوم المصطلح المتنازع فيه ، ومن ذلك أيضا بنوا على خروج القضايا المتكفلة لاثبات شخص الحكم عن حريم النزاع ، معللين بان انتفاء شخص الحكم المذكور في القضية عند انتفاء بعض القيود المعتبرة فيه يكون عقليا ، فلا مجال للنزاع فيها في ثبوت المفهوم وعدمه ، كما لايخفى.
ومن هذا البيان ظهر أيضا ان مركز التشاجر والنزاع في المقام في ثبوت المفهوم وعدمه