على أن المهم عند العقل هو تحصيل الفراغ عن تبعات الامر المعلوم المحقق من العقوبة على المخالفة كما هو التحقيق فلازمه هو البراءة العقلية في المقامين.
وبعد ذلك نقول : بأنه وان كان قد مر منا ما يوضح البراءة في مبحث الأقل والأكثر الا ان الحوالة عليه لما كانت غير خالية عن المحذور ، فلا بأس بالتعرض لدفع الاشكال وايضاح جريان البراءة في المقامين بنحو الاجمال والاختصار ، فنقول : انه بعد الجزم بعدم كون مجرد التكليف بشيء واقعا وفي نفس الامر مع قطع النظر عن تمامية البيان عليه منشأ لاعتبار اشتغال العهدة بثقل التكليف عند العقل بشهادة موارد الشبهات البدوية الوجوبية والتحريمية ، وان تمام المنشأ لاعتبار ثقل التكليف في العهدة الذي هو عبارة عن حكم العقل بالاشتغال انما هو تمامية البيان على التكليف ووصوله إلى المكلف ، نقول بأنه لا شبهة في أن هم العقل في حكمه بالفراغ في فرض ثبوت الاشتغال بالتكليف انما هو تحصيل الجزم بالخروج عن تبعات التكليف المعلوم من العقوبة على المخالفة ، وحينئذ فإذا كان المفروض هو عدم تمامية البيان على التكليف الا بمقدار الأقل نظراً إلى فرض انحلال العلم الاجمالي بوجوب الأقل أو الأكثر بالعلم التفصيلي بوجوب الأقل فلا جرم هذا المقدار من الاشتغال لايقتضي الا الاتيان بذات الأقل ولولا في ضمن الأكثر لأنه باتيانه يحصل الجزم بالخروج عن تبعة ما يترتب على مخالفته من العقوبة ، واما عدم اتصاف المأتى به وهو الأقل حينئذ بكونه مأمورا به وعدم سقوط أمره في فرض وجوب الأكثر واقعا نظراً إلى ارتباطية التكليف فهو لايقتضي أيضا اتيانه في ضمن الأكثر إذ ذلك انما يكون كذلك فيما لو كان قضية عدم سقوط أمره وعدم وقوعه مأمورا به من جهة القصور في المأتي به وهو الأقل ، وهو ممنوع جدا ، بل نقول بان عدم سقوط امره وعدم اتصافه بكونه مأمورا به انما هو من جهة القصور في نفس الامر والتكليف الضمني المتعلق بالأقل عن الشمول لحال وجوده لا في ضمن الأكثر لا من جهة قصور في طرف الأقل المأتى به ، كما هو واضح. وحينئذ فإذا كان الأكثر في نفسه تحت البراءة العقلية لقاعدة قبح العقاب بلا بيان نقول : بأنه لايقتضي قضية الاشتغال بالأقل أيضا بحكم العقل الا الاتيان بما هو متعلقه فرارا عن تبعات ما يترتب من العقوبة على مخالفته وبالاتيان بالأقل يحصل الجزم بالخروج عن العهدة من طرف العقوبة على مخالفة الامر المعلوم وان لم يقطع بوقوعه على صفة الوجوب ولا سقوط الامر عنه واقعا من جهة احتمال وجوب الأكثر