واما القسم الثاني : فالظاهر هو امكانه أيضا ضرورة امكان تصور الجزئيات والافراد بتوسيط عنوان كلي عام ينطبق عليها ، إذ معرفة العنوان الكلى العام معرفة للافراد المندرجة تحته ولو بنحو الاجمال ، وبعد كفاية معرفة الموضوع له وتصوره ولو بوجوبه اجمالي لا مجال للاشكال في امكانه. نعم انما يتوجه الاشكال فيما لو احتاج الوضع إلى تصور المعنى الموضوع له بوجه تفصيلي ، إذ حينئذ يتوجه الاشكال بان شيئا من العناوين التفصيلية كعنوان الانسان والحيوان ونحوهما وكذا العناوين العامة العرضية كعنوان الذات والشيء ونحوهما ـ لايمكن ان يكون مرآة إلى الافراد الخاصة والعناوين التفصيلية ، لان غاية ما يحكى عنه تلك العناوين انما هي الجهة المشتركة بين الافراد التي بها امتياز كل فرد من هذا النوع عن افراد نوع آخر ، واما حكايتها عن الافراد بما لها من الخصوصيات التي بها امتياز كل فرد من هذا النوع عن الفرد الآخر من ذلك النوع فلا ، بل هو من المستحيل ، من جهة ان الفرد والخصوصية مبائن مفهوما مع مفهوم العام والكلي ، والمبائن لايمكن ان يكون وجها للمبائن. ولكنه بعد كفاية لحاظ الموضوع له ولو بوجوبه اجمالي لا مجال لهذا الاشكال ، ضرورة امكان تصور الافراد والجزئيات الخاصة بنحو الاجمال بتوسيط عنوان اجمالي مشيرا به إلى الافراد الخاصة في مقام الوضع المعبر عنها بها ينطبق عليه مفهوم الانسان أو مفهوم الذات أو الشئ. وحينئذ فلاينبغي الاشكال في امكان هذا القسم أيضا.
واما القسم الرابع : أعني فرض خاص الوضع وعام الموضوع له ، فقد يقال بامكانه أيضا وانه كما يمكن جعل عنوان عام كلي وجها للافراد والخصوصيات المندرجة تحته كذلك يمكن العكس بجعل الفرد وجها للكلي المنطبق عليه وعلى غيره. ولكن التحقيق هو عدم امكانه واستحالته ، وهذا فيما لو كان آلة الملاحظة هو الفرد والخصوصية كعنوان زيد مثلا واضح ، ضرورة ان الفرد والخصوصية يباين مفهوما مع مفهوم العام والكلي ومعه لايمكن جعله وجها وعنوانا له. واما لو كان آلة اللحاظ هو الكلي المقيد كالانسان المتقيد بالخصوصية الزيدية أو العمروية ولو بنحو دخول التقييد وخروج القيد فكذلك أيضا ، فإنه مع حفظ جهة التقيد بالخصوصية فيه يباين لا محالة مفهوما مع الانسان المطلق الجامع بين هذه الحصة وغيرها ، ومع الغاء جهة التقيد وتجريده عن الخصوصية ولحاظه بما انه قابل للانطباق عليه وعلى غيره يرجع إلى عام الوضع والموضوع له ، فتدبر.