تطبيق الحكم الشرعي الكلي على المورد ومسألة بر النذر انما كانت من قبيل الثاني لا من قبيل الأول فلا تكون حينئذ ثمرة لمسألة أصولية كما هو واضح.
واما الثاني فلانه بترك مقدمة واحدة يحصل العصيان للواجب ، إذ لا يتمكن معه بعد من الواجب ، ومعه يخرج بقية المقدمات عن حيز الوجوب كي يكون تركها حراما فيتحقق الاصرار الموجب لحصول الفسق ، مضافا إلى ما عرفت سابقا بأن تعدد العصيان انما يكون تابعا لتعدد الغرض ، فإذا لايتحقق من ترك الواجب بما له من المقدمات العديدة الا فوت غرض واحد لايكاد ترتب عليه إلا عصيان واحد.
واما الثالث فلوضوح عدم اقتضاء مجرد وجوب شيء على المكلف عينا أم كفاية لخروجه عن المالية بحيث لايجوز له أخذ الأجرة بإزائه ما لم يعتبر كونه على نحو المجانية ، ومن ذلك ترى جواز اخذ الأجرة على كثير من الواجبات كالصناعات الواجبة عينا أم كفاية وكموارد المخمصة التي امر فيها ببذل الأموال ، فان ذلك كله شاهد عدم اقتضاء مجرد الامر ببذلك الأعمال والأموال ووجوب اتلافها لخروجها عن المالية رأسا بحيث كان اخذ العوض بإزائه من اكل المال بالباطل ، وحينئذ فيحتاج حرمة أخذ الأجرة عليه إلى قيام دليل بالخصوص يقتضي ايجاب بذله على نحو المجان كما ورد في مثل الاذان والقضاء ونحوهما ، والا فلو كنا نحن ومجرد وجوب العمل عليه عينا أم كفاية فلايقتضي هذا المقدار خروجه عن المالية حتى يحرم عليه اخذ الأجرة بإزائه كما هو واضح.
وحينئذ فالأولى جعلها أي الثمرة التوسعة في التقرب ، فإنه بناء على الملازمة كما يتحقق القرب باتيان المقدمة بقصد التوصل بها إلى ذيها كذلك يتحقق باتيانها بداعي أمرها ومطلوبيتها لدى المولى ولو غيريا بناء على ما عرفت من صلاحية الامر الغيري أيضا للمقربية ، واما على القول بعدم الملازمة فلايكاد يصح التقرب بالمقدمة الا باتيانها بقصد التوصل بها إلى ذيها.
وربما يجعل من الثمرة أيضا اجتماع الوجوب والحرمة عند كون المقدمة محرمة مع عدم الانحصار نظراً إلى اندراجه على الملازمة حينئذ في مسألة اجتماع الأمر والنهي ، فيبتني على الخلاف في تلك المسألة ، فعلى القول بجواز اجتماع الأمر والنهي له الاتيان بالمقدمة بداعي كونها مرادة للمولى بخلافه على القول بالعدم فإنه لايندرج في باب الاجتماع حتى يبتني على الخلاف في تلك المسألة. وأورد عليه في الكفاية بالمنع عن اندراجه في مسألة