معروض تلك الأحكام انما هو فعل المكلف بما هو متخصص بخصوصية عنوان الصلوتية والحجية والغصبية ونحوها ، وان جهة الصلوتية والحجية أيضا كانت تحت الحكم. ومن ذلك ظهر انه لا يجديه أيضا ضم حيثية الاقتضاء والتخيير ، إذ نقول : بأنه ان أريد بذلك اقتضاء الفعل مستقلا ففساده واضح من جهة بداهة مدخلية خصوصية عنوان الصلوتية والحجية والغصبية ونحوها لعروض الوجوب أو الحرمة ، وان أريد به اقتضائه ولو بنحو الضمنية فغير مثمر ، إذ يعود حينئذ الاشكال المزبور من لزوم كون العرض بالنسبة إلى الجامع في ضمن العناوين الخاصة وهو ذات فعل المكلف من العوارض الغريبة. واما الالتزام بكفاية مجرد كون الشيء معروضا للعرض ولولا بنحو الاستقلال بل بنحو الضمنية في كونه عرضا ذاتيا له ، فمع انه مناف لما هو المصرح به في كلماتهم من كون مثله من العرض الغريب ، يلزمه ادخال مسائل العلوم السافلة في العلوم العالية التي يكون موضوعها من قبيل الجنس والمطلق بالنسبة إلى موضوع علم السافل ، كما في علم الهندسة الذي يكون الموضوع فيه وهو المقدار من قبيل الجنس للجسم التعليمي الذي هو موضوع علم المجسمات. فمن ذلك لابد من جعل العنوان المزبور من العناوين المشيرة إلى العناوين الخاصة التي هي موضوعات المسائل ، ومعه فيخرج عن الوحدة وينطبق على ما ذكرناه.
في تعريف علم الأصول وبيان موضوعه
ثم انه بعد ما اتضح ما ذكرناه نقول : بأن فن الأصول بعد أن كان عبارة عن جملة من القواعد خاصة الوافية بغرض مخصوص كان من جملة العلوم ، وان موضوعه أيضا عبارة عن نفس موضوعات مسائله على اختلافها وشتاتها ، من دون احتياج إلى اتعاب النفس في تخريج الموضوع الوحداني له ، خصوصا بعد ما يرى من عدم الطريق إلى كشف الجامع الوحداني المعنوي بينها بعد فرض كون الغرض ذا جهات عديدة ، بل وعدم امكانه أيضا مع رجوع مسائل الأصول إلى صنفين : صنف لو حظ فيها الحكاية والكشف عن الواقع وهو الامارات ، وصنف لو حظ فيه عدم الإرائة وحيث السترة للواقع وهو الأصول ، من جهة ما عرفت من عدم تصور جامع ذاتي بين هذين الصنفين باعتبار رجوعه إلى الجامع بين النقيضين.