أمرها؟ وهل يصلح الامر للداعوية بالنسبة إلى غير من يتوجه إليه؟.
لايقال : هذا كذلك لولا دليل التنزيل والا فبملاحظة دليل التنزيل لا اشكال في البين لأنه بتنزيل نفسه منزلة المنوب عنه يتوجه امره إليه من جهة صيرورته هو إياه بهذا لاعتبار ، وحينئذ فيأتي بالعبادة بدعوة هذا الامر المتوجه إليه ويكون عمله مقربا للمنوب عنه.
فإنه يقال : كلا ، وان مجرد التنزيل لايوجب توجه امره إليه حقيقة وان نزل نفسه منزلته الف مرة بل وانما غايته هو توجه مماثل الامر المتوجه إلى المنوب عنه إليه ، وفي مثل ذلك نقول : بان اتيانه بداعي هذا الامر لا محالة لو اثر لكان مؤثرا في مقربية نفس النائب دون المنوب عنه ، لأنه في الحقيقة يكون هو المكلف بالعبادة ، وفي مثله يستحيل مقربية عمله للمنوب عنه حقيقة ، كما هو واضح. وتنقيح المرام بأزيد من ذلك موكول إلى محله ، والمقصود في المقام انما هو بيان الجهات الفارقة بين نحوي العبادة من الخضوعات الجعلية والخضوعات الغير الجعلية والإشارة إلى امكان تصحيح النيابة في العبادة في الأمور المجعولة لان تكون آلات للخضوع دونه في الخضوعات الغير الجعلية وهي العبادة بداعي الامر.
ثم هنا شيء ، وهو ان العبادات الشرعية يحتاج في كفاية مجرد الاتيان بها لله بلام الصلة لا الغاية إلى احراز كونها من قبيل القسم الأول ، والا فمع الشك فيها في أنها من قبيل القسم الأول الذي فيه اقتضاء المقربية بنفس اتيانها لمولاه من دون قصد كونها بداعي أمره أو من قبيل القسم الثاني الذي قوام عباديته بتعلق الامر بذاته ، يشكل جواز الاكتفاء بها باتيانها لمولاه من دون قصد كونها بداعي أمر مولاه ، نعم غاية ما هناك حينئذ في احراز كونها من قبيل الأول انما هو التشبث بمثل أدلة النيابة في موارد ثبوت مشروعيتها في أبواب العبادات وذلك بالكشف منها بنحو الان عن كونها من الوظائف المجعولة ولو بجعل الشارع آلات الخضوع والعبودية ، فتأمل.
ثم إن هنا جهات أخر من القرب أيضا ، وهو الاتيان بالعمل بداعي حسنه ورجحانه الذاتي الذي هو ملاك الامر به ، فان الظاهر كما سيأتي في مبحث الضد هو كفاية مجرد الاتيان بالعبادة بداعي رجحانها الذاتي ومحبوبيتها في تحقق القرب المعتبر في صحتها بلا احتياج إلى الامر الفعلي بها.