ومن التقسيمات أيضا تقسيمه إلى الأصلي والتبعي
فالأصلي هو ما كان ايجابه مقصودا بخطاب مستقل كالصلاة والوضوء في مثل قوله عليهالسلام : ( إذا دخل الوقت وجب الصلاة والطهور ) والتبعي ما كان ايجابه لا بخطاب مستقل بل بتبع خطاب متعلق بأمر آخر. والغرض من هذا التقسيم أيضا انما هو الفرار عما يورد على القول بوجوب المقدمة بأنه كيف ذلك مع أنه كثيرا ما تكون المقدمة غير ملتفت إليها بل وكثيرا ما يكون الآمر قاطعا من باب الاتفاق بعدم مقدمية الشيء لمطلوبه ، كما نظيره كثيرا في العرفيات في مثل الامر بشراء اللحم مع الغفلة عن مقدمية المشي إلى السوق لذلك ، ومع هذه الغفلة كيف يمكن دعوى وجوب المقدمة بقول مطلق ، فمن ذلك صاروا بصدد هذا التقسيم لبيان انه لا يلزم في وجوب الشيء غيريا أم نفسيا ان يكون بايجاب أصلي وخطاب مستقل بل يكفي فيه كونه تبعا لايجاب امر آخر عند ثبوت الملازمة بينهما ، كما في المتلازمين في الحكم ، حيث إنه بعد ثبوت الملازمة بين الشيئين في الحكم يكون ايجاب أحدهما كافيا عن ايجاب الاخر وصيرورته موضوعا لحكم العقل بوجوب الامتثال ، بلا احتياجه إلى خطاب على حدة. ففي المقام أيضا نقول : بأنه بعد التلازم بين إرادة الشيء وإرادة مقدماته يكون نفس ايجاب الشيء قهرا مستتبعا لايجاب جميع ما يتوقف عليه الشيء من المقدمات بنحو الاجمال ، فتكون كل واحدة من المقدمات حينئذ واجبة بعين ايجاب ذيها وان لم يكن الآمر ملتفتا إليها بنحو التفصيل ولا أوجبها بخطاب أصلي مستقل ، وعليه فيرتفع الاشكال على وجوب المقدمات التي لم تقع بالاستقلال تحت خطاب اصلى مستقل.
ومن ذلك ظهر أيضا ان هذا التقسيم كسابقه انما كان بلحاظ مقام التحميل ومرحلة الايجاب المنتزع عن مقام ابراز الإرادة لا بلحاظ لب الإرادة ولذلك يجرى القسمان في الواجب النفسي أيضا من كون ايجابه وطلبه تارة أصليا كالصلاة والصوم والحج ونحوها ، وأخرى تبعيا كما في المتلازمين في الحكم ، والا فبحسب لب الإرادة لا مجال للتبعية والأصلية بهذا المعنى ، كما هو واضح.
هل الواجب مطلق المقدمة أم لا
وكيف كان فبعد ان ظهر لك هذه الأمور يبقى الكلام في أن المقدمة بناء على وجوبها هل هي واجبة على الاطلاق بلا دخل لحيث قصد الايصال إلى ذيها ولا إلى حيث ايصالها إليه خارجا ، أو انها واجبة بشرط قصد التوصل بها إلى ذيها اما بكون القصد