هذا الوجوب الناقص بالنسبة إلى النقيض وهو الفعل أيضا بغضا ناقصا غير تام بحيث لنقصه وقصوره لا يشمل الا الفعل في حال إرادة الضد ، لا مطلق وجوده ولو في ظرف الصارف وعدم إرادة الواجب ، وحينئذ فإذا خرج الفعل في ظرف الصارف وعدم الإرادة عن دائرة المبغوضية لاختصاص البغض بالفعل في حال إرادة الواجب ولم يتمكن أيضا من الفعل الا في ظرف الصارف وعدم إرادة الضد الواجب من جهة امتناع اجتماع إرادة الواجب مع فعل ضده وهو الصلاة فلا جرم يقع الفعل منه غير مبغوض فيقع صحيحا ، ومعه يتجه النتيجة المزبورة.
نعم لو كان نتيجة تعلق الوجوب الناقص بالمقدمة هو البغض التام في طرف النقيض بحيث يقتضي مبغوضية النقيض على الاطلاق لاتجه الاشكال المزبور فتنتفى الثمرة المزبورة ، ولكنه في محل المنع جدا ، فإنه كما عرفت لايكاد اقتضاء تعلق الوجوب الناقص بشيء بالنسبة إلى النقيض الا البغض الناقص ، وحينئذ فلا يبقى في البين الا جهة مقدمية الوجود لترك الضد الواجب الذي هو مبغوض بالبغض التام ، وهذا أيضا مما قد عرفت الجواب عنه باستناد الترك حينئذ دائما إلى الصارف وعدم وجود المقتضي وهو الإرادة لا إلى وجود الفعل ، فان صحة استناد عدم شيء إلى عدم وجود الشرط أو إلى وجود المانع انما يكون في ظرف وجود مقتضيه وتحققه ، والا ففي ظرف عدم تحقق المقتضي لايكاد استناد العدم الا إلى عدم المقتضي ، ومن ذلك ترى انه مع أنه عدم وجود النار لايكاد صحة استناد عدم الاحراق إلى وجود المانع وهو الرطوبة مثلا أو إلى عدم تحقق شرطه ، بل وانما الصحيح استناده إلى عدم وجود المقتضي وهو النار وليس ذلك الا من جهة سبق المقتضى رتبة على بقية اجزاء العلة من الشرط والمانع ، كما سيجيء زيادة تحقيق لذلك إن شاء الله تعالى في مبحث الضد ، وحينئذ فحيث ان الفعل مسبوق دائما بالصارف وعدم إرادة الضد الواجب فلا جرم يكون عدم الضد مستندا إلى الصارف دون الفعل ومع يقع الفعل العبادي قهرا غير مبغوض فيقع صحيحا ، هذا.
وقد تظهر الثمرة أيضا بين القولين في ضمان الأجرة على المقدمة فيما لو امر بالحج أو الزيارة عنه واخذ المأمور بالمشي فمات قبل الوصول إلى المقصد ، فإنه على القول بوجوب مطلق المقدمة يستحق المأمور الأجرة على ما اتى به من المقدمات من جهة أن الامر بالحج عنه امر بمقدماته التي منها المشي وطي الطريق وبذلك يستحق عليه الأجرة على المقدمة ،