نعم انما يكون المحرم في هذا القسم هو حيث ادعائه الشارعية لنفسه ، حيث إنه من أكبر المعاصي وكان العقل أيضا مستقلا بقبحه.
كما أنه لاينبغي الاشكال أيضا في قبح القسم الثالث وحرمته إذ كان فضوليا في امر المولى وكان اخباره بذلك أيضا افتراء عليه. نعم يبقى الكلام حينئذ في أن حكم العقل بالقبح في المقام هل هو بنحو يستتبع حكمه أيضا باستحقاق العقوبة كما في حكمه بقبح المعصية لكونها ظلما على المولى. حتى لايكون المورد قابلا للحكم المولوي الشرعي ، أو انه بنحو لا يستتبع للحكم باستحقاق العقوبة كما في حكمه بقبح الظلم حتى يكون المورد قابلا للحكم المولوي الشرعي وكان المجال أيضا لاستكشاف الحكم الشرعي بقاعدة الملازمة بناء على تماميتها؟ وفي مثله لايبعد دعوى كونه من قبيل الثاني إذ نقول : بان التشريع وان كان نحو ظلم على المولى لكونه تصرفا في سلطانه بحيث يستقل العقل بقبحه ، الا انه لايكون بمثابة يستتبع الحكم باستحقاق العقوبة كما في العصيان ، بل هو من هذه الجهة نظير الظلم على النفس الذي يحكم العقل فيه بالقبح من دون حكمه باستحقاق العقوبة عليه ، وعليه فكان كمال المجال لدعوى كونه محكوما بالحرمة المولوية الشرعية بمقتضي الملازمة ، ولكن حيث إن روح التشريع وحقيقته من سنخ البناء آت القلبية من غير دخل فيه للاخبار أو الفتوى على طبقه بل ولا للفعل الخارجي الجوارحي ، بشهادة تعلق التشريع بحكم فعل الغير كالتشريع في ايجاب الصلاة والصوم على الحائض والنفساء ، فلا جرم ما هو المحرم بالحرمة التشريعية أيضا لايكون الا نفس البناء القلبي الذي هو من فعل الجوانح دون العمل الخارجي أو الافتاء بشيء ، كما هو واضح.
وحينئذ فما أفيد من حرمة الافتاء والعمل الخارجي بالحرمة التشريعية أيضا بتخيل ان التشريع عبارة عن الفعل الصادر عن البناء المزبور كان الفعل هو الافتاء بشيء أو العمل الخارجي دون نفس البناء القلبي مجردا عن العمل والافتاء ودون الفعل الخارجي مجردا عن كون نشوه عن البناء المزبور ، وان الفعل الناشي عن البناء القلبي هو مصداق التشريع المحرم ، منظور فيه ، لما عرفت من أن روح التشريع وحقيقته ليس الا عبارة عن نفس البناء القلبي ، وان العمل والافتاء كالاخبار به خارج عن حقيقة التشريع ، حيث كان مرجع الافتاء إلى كونه اظهارا وابرازا لذلك البناء القلبي كالاخبار ، ومرجع العمل إلى كونه امتثالا لما شرعه بحسب بنائه على الوجوب أو الحرمة ،