من زيد وعمرو وبكر وعلى الثاني فتارة يجعل ذلك مرآة إلى الأشخاص والمصاديق الخاصة على كثرتها وأخرى لا بل يجعل ذلك مرآة إلى الأنواع والأصناف. والفرق بينهما واضح كوضوح الفرق بينهما وبين الأول حيث تظهر الثمرة في عالم قصد الامتثال بالخصوصية من حيث التشريع وعدمه كما في صورة اكرام زيد العالم بقصد الخصوصية الزيدية لا بعنوان انه فرد من افراد العالم في مثل خطاب أكرم العالم فإنه على بعض التقادير فعل تشريعا محرما وعلى بعضها الاخر تحقق منه الامتثال بذلك.
وبعد ما عرفت ذلك نقول : بان تلك المحتملات الثلاثة وان كانت جارية في الذات ولكن المتعين منها هو الاحتمال الأخير من كونها مرآة إلى الأنواع والأصناف ، فان الاحتمال الأول مما لايمكن الالتزام به من جهة عدم خلوه عن المحاذير التي منها لزوم دخول العرض في الفصل في مثل الناطق ، ومنها عدم المناسبة لإضافة بعض الأحكام إليه كما في قوله : أكرم العالم ، ومنها غير ذلك. وكذا الاحتمال الثاني فإنه أيضا بعيد في نفسه غاية البعد لما يلزمه من محذور دخول جميع المصاديق بخصوصياتها في المشتق الواحد كالعالم والضاحك ، مع أنه ليس كذلك قطعا. وحينئذ فبعد بطلان الوجهين الأولين يتعين الوجه الثالث من كونه مأخوذا مرآة إلى الأنواع والأصناف بما يناسب في كل مشتق حسب اختلاف المبادي المأخوذة فيها وما يناسبها ، وبذلك نجمع بين اتحاد المشتقات من وجه واختلافها من وجه فنقول : بأنها في عين اتحاد وضعها تنسبق من كل مشتق خصوصية دون الأخرى. وحينئذ فما هو الموضوع للأحكام من نحو وجوب الاكرام والاطعام في كل مشتق كالعالم والقائم والضارب ونحوها عبارة عن نفس المرئي بهذا العنوان غايته بما هو موجه بوجه المبدء المأخوذ فيه ، كما أنه هو المحمول أيضا في كلية القضايا ، ولذلك أيضا دفعنا ما أورده المحقق الشريف من الاشكال في مثل الناطق فقلنا : بان ما هو الفصل الحقيقي في مثل الناطق عبارة عن النفس الناطقة الانسانية لكونها هي الموجهة والمتصفة بوجه المبدأ دون نفس المبدأ كي نحتاج إلى جعله عبارة عن النطق الجوهري فتدبر.
الامر الثاني :
لايخفى عليك انه لا فرق فيما ذكرنا في المشتقات بين الأوصاف الجارية على الممكنات