نظرا إلى مدخلية اختيار المكلف والمأمور وارادته أيضا ، كما هو ظاهر. وحينئذ ففي المقام أيضا بعد أن كان تحقق الكلام الصحيح والاستنباط الصحيح منوطا بإرادة المتكلم والمستنبط المحصل للقواعد فيستحيل كونه هو الغرض والمقصد الأصلي من العلم ، فلابد حينئذ من جعل الغرض والمقصد الأصلي عبارة عما يترتب على الأمور المزبورة وهو لايكون الا الحفظ من جهة لا الحفظ على الاطلاق.
وعلى ذلك فلا مجال لما قد يتوهم من الاشكال في أصل الغرض والغاية للعلم وانكاره ونفى كون تمايز العلوم بتمايز الاغراض من جهة ما يرى من تخلفه كثيرا لأنه كثيرا يتعلم الشخص قواعد النحو والصرف ومع ذلك لايتحقق عنوان الحفظ المزبور من جهة تكلمه غلطا على غير القواعد ولو عن تعمد منه في ذلك ، مع أن الغرض مما لابد منه ومن ترتبه البتة ، إذ فيه ان غاية ذلك انما هو نفى كون عنوان الحفظ عن الخطأ في المقال مثلا غرضا لعلم النحو مثلا ، لا نفى أصل الغرض والغاية للعلم كلية ، كيف وقد عرفت بأنه مما لابد منه في كل فن ليكون هو الداعي والباعث على تمهيد قواعده ، على أنه نقول بعدم اضرار ذلك أيضا في كون الحفظ المزبور هو الغرض الداعي على جعل قواعد العلم ، وذلك لما عرفت بان الغرض في أمثال هذه النتائج التي فيها مدخلية لإرادة الغير ليس الا الحفظ من جهة الراجع إلى سد باب عدمه من ناحية تلك القواعد لا الحفظ على الاطلاق حتى من ناحية غيرها ، ومثل ذلك أيضا كما عرفت مما لايكاد تخلفه على كل حال ، حيث إنه بمجرد تمهيد القواعد يترتب عليها الحفظ من جهة ، ولو لم يكن لها محصل في العالم أصلا أو كان لها محصل ولكنه لم يتحقق في الخارج من جهة تعمد المحصل لها على التكلم غلطا على خلاف قواعد النحو والصرف ، كما هو ظاهر ، خصوصا مع امكان جعل الغرض والمقصد الأصلي من كل علم عبارة عن تصحيح الأعمال القابلة للصدور من فاعلها قولا أو فعلا أو استنباطا الذي هو مترتب لا محالة بقول مطلق على نفس القواعد بلا دخل لشيء آخر فيه.
وعلى كل حال فسواء جعلنا الغرض في العلوم عبارة عن تصحيح الأعمال القابلة للصدور من فاعلها أو عنوان الحفظ على ما شرحناه ، فلاينبغي الاشكال في عدم كون دخل القواعد فيه من باب دخل المؤثر في المتأثر بنحو كان بينهما المؤثرية والمتأثرية ، بل وانما هو من باب دخل طرف الإضافة وما تقوم بها لنفس الإضافة والمضاف بوصف كونه