يتعدى عن القدر المتيقن إلى غيره ، كما هو واضح.
ولكن التحقيق حينئذ هو الثاني ، ذلك من جهة ان غاية ما تقتضيه تلك المقدمات بمقتضى برهان نقض الغرض انما هو عدم اخلال المتكلم بما هو واقع مرامه في خطابه ، واما من حيث فهم المخاطب أيضا بأنه تمام المراد فلا ، لان ذلك امر زائد قلما يتفق تعلق الغرض به ، وعليه فمع احتمال إرادة المتكلم للمقيد وهو المتيقن واتكاله في ذلك على حكم العقل بلزوم الاخذ به لا مجال للاخذ بالاطلاق ، حيث لا يلزم من ارادته بالخصوص محذور نقض غرض في البين ، وهذا بخلافه في الفرض الأول فإنه بعد فرض تعلق غرضه بمعرفة المخاطب أيضا بكون المدلول تمام المراد لابد له في فرض ارادته للمقيد من نصب بيان عليه ، والا فمجرد القطع بدخول القدر المتيقن في المطلوب وكونه مرادا للمتكلم لا يقتضى القطع بكونه تمام المراد بوصف التمامية الا مع بلوغه إلى حد الانصراف الكاشف عن دخل الخصوصية ، فعلى ذلك فلا اشكال في الاحتياج إلى المقدمة الثالثة ، وهي انتفاء القدر المتيقن في مقام التخاطب.
واما اضرار القدر المتيقن الخارجي وعدم اضراره فقد عرفت ابتنائه أيضا على كون البيان في المقام بمعنى اعطاء الحجة على المراد أو بمعنى كون المتكلم في مقام الجد بابراز مرامه الواقعي. وقد عرفت أيضا ان التحقيق هو الأول وانه لا يضر مجرد وجود القدر المتيقن ولو من الخارج بالأخذ بالاطلاق.
ثم لايخفى عليك انه مع وجود القدر المتيقن في مقام التخاطب وان كان لا مجال للاخذ بالاطلاق ، بل كان اللازم هو الاقتصار عليه وعدم التعدي عنه إلى غيره ، الا انه لايوجب التقيد بالخصوص حتى يلزمه معارضته مع مطلق آخر في قباله ، بل وانما غايته هو مانعيته عن الاخذ باطلاق ذلك ، وهو واضح.
ثم إن من القرائن المانعة عن الاخذ بالاطلاق كما عرفت هو الانصراف ، ولكنه لا مطلقا بل البالغ منه إلى حد مبين العدم أو المضر الاجمالي دون ما يوجب التشكيك البدوي ، وتوضيح ذلك هو ان للانصراف مراتب متفاوتة شدة وضعفا ، حسب زيادة ما يوجبه من انس الذهن الناشئ من كثرة الاطلاق وغلبة الاستعمال وغير ذلك.
فمن تلك المراتب ما يوجب التشكيك البدوي الزائل بالتأمل والتدقيق كما في انصراف الماء في الكوفة مثلا إلى الفرات ، فإنه لايوجب الا مجرد التشكيك البدوي الذي