عرفت ما هو الحق فيها من كونها عبارة عن الإضافات الخاصة والارتباطات الذهنية المتقومة بالمفهومين مع كونها أيضا كالأسماء انبائية لا احداثية من دون فرق في ذلك بين كون النسب ايقاعية أو وقوعية كما هو واضح.
واما المقام الثاني : فالكلام فيه كما عرفت انما هو في عموم الموضوع له فيها وخصوصه ، فان المشهور فيها على كونها من قبيل عام الوضع وخاص الموضوع له حتى أنه يظهر من بعضهم كصاحب تشريح الأصول جعل ذلك من عيوب المعنى الحرفي فإنه على ما حكى عنه الأستاذ قال : بان من عيوب المعنى الحرفي عدم تصور عموم الموضوع له فيها ، ولعله من جهة ما يرى من كون المنسبق منها في موارد استعمالاتها هي المصاديق الخاصة من الروابط التي لاختلافها لا يجمعها جامع واحد ، حيث كان شخص الربط الحاصل من إضافة السير بالبصرة في قولك سرت من البصرة غير شخص الربط الحاصل من اضافته إلى الكوفة في قولك : سرت من الكوفة ، وهو أيضا غير شخص الربط الحاصل من اضافته إلى مكان آخر ، وهكذا ، حيث إنه حينئذ يقال : بأنه بعد عدم جامع في البين بين تلك الروابط الخاصة الا مفهوم الربط الذي هو معنى اسمى لا حرفي لا مناص الا من القول بخصوص الموضوع له فيها هذا.
ولكن نقول : بأنه انما يكون الامر كذلك بناء على ما هو المعروف المشهور من عموم الوضع والموضوع له إذ بعد ما يرى من عدم انسباق معنى عام في الذهن في موارد استعمالات الحروف بل كون المنسبق في الذهن منها هي اشخاص الروابط الخاصة المبائنة بعضها مع البعض الاخر لا مناص من القول بخصوص الموضوع له فيها ، والا فبناء على القسم الآخر من عموم الوضع والموضوع له الذي نحن تصورناه فلا قصور في دعوى عموم الوضع والموضوع له ، إذا مكن حينئذ دعوى ان الموضوع له فيها في كل صنف منها من الروابط الابتدائية والروابط الانتهائية والظرفية وهكذا عبارة عن جامع بين اشخاص تلك الروابط الذي به تمتاز الروابط الخاصة من كل صنف عن اشخاص الروابط الخاصة من صنف آخر ، كما نشاهد ذلك بالوجدان أيضا في الروابط الخاصة من كل صنف وطائفة كالروابط الابتدائية بان فيها وحدة سنخية وجامعا محفوظا توجب امتياز هذه الطائفة من الروابط عن الطوائف الأخرى من الروابط الانتهائية والظرفية والاستعلائية ونحوها ، فان مثل هذا الجامع المحفوظ وان لم يكن له وجود مستقل في الذهن