استعمال تلك الأداة أحيانا في معانيها لا بداعي النداء والاستفهام والبعث الحقيقي الخارجي بل بغيره من الدواعي الاخر من هزل أو سخرية كما هو كذلك أيضا في أداة التمني والترجي ونحوها كقولك : يا ليتني كنت جمادا أو حمارا ، مع كون الاستعمال المزبور أيضا على نحو الحقيقة دون المجاز فان ذلك أيضا شاهد عدم كونها الا موضوعة لايقاع الربط والنسبة ذهنا بين المفهومين في موطن الاستعمال المطابق تارة للربط الخارجي وأخرى لا ، غايته انه لا بما هو ربط ذهني بحيث يلتفت إلى ذهنيته ، بل بما انه يرى خارجيا تصورا وان كان تصديقا يقطع بخلافه. وعليه لا محيص من الالتزام بما ذكرنا من الكاشفية فيها أيضا كما في الأسماء حيث كانت الأداة المزبورة حينئذ كاشفة عن صورة ايقاع الربط بين المفهومين الموجودة في ذهنه في مرحلة تصوره قبالا للربط الثابت بين المفهومين التي هي مفاد الأداة الجارة. نعم لما لايكون مثل هذا الربط الايقاعي ملحوظا الا خارجيا ربما أوجب ذلك تخيل كون المعنى والموضوع له فيها عبارة عن ايقاع الربط الخارجي ولكنك بعد ما تأملت ترى كونها من قبيل سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.
واما الاستشهاد المزبور بالخبر المروى عن علي عليهالسلام ففيه ما لايخفى إذ مضافا إلى اجمال الخبر من جهة اختلاف النسخ فيه كما عرفت والى كونه مرويا من طرق غيرنا كما ترى لا مجال للاستدلال بمثله في المسألة حيث إنه ليس مسئلتنا تلك من المسائل التي يستدل لها بالاخبار الآحاد كما لايخفى. مع أنه يمكن توجيه الرواية أيضا بما لاينافي ما ذكرناه من الكشف والانباء في الحروف ، بان يقال : بان النكتة في العدول فيها في الحروف إلى الايجاد انما هي ملاحظة كون النسب التي هي المعنى الحرفي علة لتحقق الهيئة في الذهن كما هو كذلك أيضا في النسب الخارجية ، كالنسب بين ذوات الأخشاب بالنسبة إلى تحقق الهيئة السريرية في الخارج ، وذلك أيضا بضميمة ما كان بين الألفاظ ومعانيها من العلاقة والارتباط الخاص الموجب لفنائها فيها ، فإنه باعتبار ان الأداة مرآة لمعانيها التي هي النسب الخاصة بين المفهومين وموجدية تلك النسب للهيئة في الذهن أضيف صفة الموجدية في الرواية إلى الأداة فعبر عنها بهذه العناية بأنها أو جدت معنى في غيره فتأمل.
وعلى كل حال فهذا كله فيما يتعلق بالمقام الأول في شرح حقيقة المعنى الحرفي ، ولقد