الاتصاف بالمصلحة ، وبالجملة ان ترتب العقوبة انما هو ترك الشيء في ظرف الفراغ عن اتصافه بكونه تركا لما فيه الغرض والمصلحة ، ومثل هذا المعنى انما يصدق في الصورة الثانية والثالثة ، واما في الصورة الأخيرة فلايكاد صدق ترك المتصف الاعلى أحد التروك فمن ذلك لايكاد يترتب على تركه للجميع الا عقوبة واحدة ، فتأمل.
بقى الكلام في التخيير بين الأقل والأكثر حيث إنه قد يقال بامتناعه واستحالته نظراً إلى أنه باتيان الأقل ووجوده ولو في ضمن الأكثر يتحقق الواجب لا محالة ويحصل الغرض ومع حصول الغرض وتحقق الواجب به يكون الزائد عليه لا محالة زائدا عن الواجب فيكون خارجا عن دائرة الوجوب فلايمكن حينئذ تعلق الوجوب به ، ولكن فيه انه كذلك إذا كان الأقل مأخوذا بنحو اللابشرط من جهة الزيادة وليس كذلك بل نقول بأنه مأخوذ على نحو بشرط لا بحيث كان لحده أيضا دخل في الواجب وفى حصول الغرض ، وعليه فيرتفع الاشكال المزبور حيث لايكون الآتي بالأكثر حينئذ آتيا بالأقل بحده في ضمنه حتى يتوجه الاشكال المزبور ، من غير فرق في ذلك بين ان يكون للأقل الكائن في ضمن الأكثر وجود مستقل بحيث كان هناك تخلل سكون في البين كما في التسبيحات أم لا كما في مثل الخط الطويل الذي رسم دفعة ، وذلك من جهة أنه بالتجاوز عن حد الأقل الذي فرض كونه تسبيحة واحدة أو نصف ذراع من الخط مثلا ينتفى الأقل ويكون المأتى به من أوله إلى آخره امتثالا للامر بالأكثر دون الأقل ، كما هو واضح.
نعم قد يشكل على ما ذكرنا أيضا بأن الأكثر بعد أن أخذ لا بشرط من طرف الزيادة وقد وجب الاتيان بذات الأقل أيضا على كل تقدير فلا جرم لايبقى طرف التخيير الا نفس الحدين وهما الوقوف على الأقل أو التعدي والتجاوز عنه وحينئذ فحيث أنه مع الاتيان بذات الأقل لا محيص له من أحد الحدين ولايمكنه ترك كليهما يندرج لا محالة في التخيير العملي العقلي بمناط اللاحرجية نظير التخيير بين النقيضين أو الضدين اللذين ليس لهما ثالث لا في التخيير الشرعي من جهة عدم المجال حينئذ لأعمال المولوية بالامر التخييري نحو الحدين ، لما ذكرنا غير مرة بان مرجع الامر التخييري بأحد الامرين انما هو إلى النهى عن تركهما معا وهو انما يصح في مورد يتمكن المكلف من ترك كلا الامرين والا فمع عدم تمكنه من ذلك ولا بدية اتيانه بأحد الامرين عقلايكون الامر باتيان أحد