الميل والاشتياق إليه ، كما نظيره أيضا في مثال العصيان بالنسبة إلى الكفارة وعدم الاتيان بالصلاة في الوقت بالنسبة إلى القضاء في خارج الوقت بناء على كونه بأمر جديد ، وهكذا نظائره في الشرعيات والعرفيات. وهذا بخلافه في قيود المحتاج إليه فارغا عن أصل تحقق الاحتياج واتصاف الذات بكونها صلاحا ومصلحة فان الانسان بمقتضي جبلته ، كان بصدد تحصيلها ، الا إذا كان القيد من القيود غير الاختيارية أو من القيود التي اعتبر في مقدميتها وجودها من باب الاتفاق كما سنذكرها إن شاء الله تعالى فان مثل تلك القيود حينئذ وان كانت خارجة عن حيز الإرادة الا انها غير خارجة بالنسبة إلى مبادي الإرادة من الاشتياق والميل والمحبة كما هو واضح.
ومن هذا البيان ظهر أيضا فساد توهم رجوع جميع القيود إلى المتعلق وارجاع جميع المشروطات إلى المعلقات كما عن التقريرات بجعل منشأ الاختلاف في القيود في الخروج عن حيز الإرادة اختلاف أنحاء وجودها : من اخذ بعضها بنحو يترشح إليها الإرادة واخذ بعضها بنحو لايترشح إليها الإرادة اما لخروجها عن تحت الاختيار أو من جهة دخلها بوجودها من باب الاتفاق أو وجودها الناشئ عن سائر الدواعي غير دعوة الامر مع اتحاد الجميع في كيفية الدخل في الغرض والمطلوب ، توضيح الفساد يظهر مما قدمنا من اختلاف أنحاء القيود في كيفية دخلها في الغرض والمصلحة ، من حيث رجوع بعضها إلى الدخل في أصل الاحتياج واتصاف الذات بكونها مصلحة وصلاحا ، ورجوع بعضها وهو قيود الواجب إلى الدخل في تحقق المحتاج إليه والمتصف بالمصلحة والصلاح فارغا عن أصل اتصاف الذات بالوصف العنواني ، إذ في مثله يكون قيود الواجب باعتبار دخلها في وجود المحتاج إليه وتحقق ما هو المتصف بالوصف العنواني في رتبة متأخرة عن قيود الأصل الاتصاف.
ومعه كيف يمكن اخذ ما هو راجع إلى أصل الاتصاف في ناحية الموضوع في عرض قيود المحتاج إليه ، مع انك عرفت بخروج قيود الاحتياج والاتصاف عن دائرة الإرادة بمباديها من الميل والمحبة والاشتياق باعتبار ما يقتضيه جبلة الانسان من عدم كونه بصدد تحصيل الاحتياج لولا وجود احتياج أعظم في البين ، بل وعدم تعلق الميل والاشتياق إليه أيضا ، بل وصيرورته مبغوضا عنده ، كما في مثال المرض وفي النذر المترتب عليه وجوب الوفاء بالمنذور حيث كان أصل النذر الذي هو سبب للوجوب مكروها وكذا في