الوحي (وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ) قرية شعيب (ع) (تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا) الجملة صفة ثاويا أو مستأنفة وعلى الاستيناف فالضّمير المجرور لأهل مدين أو لأهل مكّة والمعنى انّك لم تكن في أهل مدين حتّى يكون اخبارك عنهم عن شهود وليس يخبرك أحد بأخبارهم الصّحيحة لتطاول الازمنة واندراس الاخبار وتحريفها فليس اخبارك عنهم الّا بالوحي الّذى ليس الّا للرّسول (وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) لك فاخبارك يكون بوحي منّا والمستدرك هاهنا أيضا هو الوحي لكنّه ادخل اداة الاستدراك على الإرسال لانّه المقصود من الإيحاء اليه (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) موسى (ع) بنداء انّى انا الله أو بالنّداء الّذى سمعه أصحابه السّبعون أو نادينا أمّتك وهم في أصلاب الرّجال وأرحام النّساء كما يأتى (وَلكِنْ) أخبرك ربّك بذلك (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ) بذلك الخبر أو ليكون دليلا على رسالتك فتنذر بعد ثبوت رسالتك (قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) لوقوعهم في زمان الفترة واندراس آثار الأنبياء (ع) السّالفة (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) بمبدئهم ومعادهم وثوابهم وعقابهم عن النّبىّ (ع) لمّا بعث الله عزوجل موسى بن عمران واصطفاه نجيّا وفلق له البحر ونجّى بنى إسرائيل وأعطاه التّوراة والألواح رأى مكانه من ربّه عزوجل فقال : ربّ لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا من قبلي فقال الله جلّ جلاله : يا موسى اما علمت انّ محمّدا (ص) أفضل عندي من جميع ملائكتى وجميع خلقي ، قال موسى (ع) : يا ربّ فان كان محمّد (ص) أكرم عندك من جميع خلقك فهل في آل الأنبياء أكرم من آلى؟ ـ قال الله جلّ جلاله : يا موسى (ع) اما علمت انّ فضل آل محمّد (ص) على جميع آل النّبيّين كفضل محمّد (ص) على جميع المرسلين ، فقال موسى (ع) : يا ربّ فان كان آل محمّد (ص) كذلك فهل في أمم الأنبياء أفضل عندك من أمّتي؟ ظلّلت عليهم الغمام ، وأنزلت عليهم المنّ والسّلوى ، وفلقت لهم البحر؟ فقال الله جلّ جلاله : يا موسى اما علمت انّ فضل أمّة محمّد (ص) على جميع الأمم كفضله على جميع خلقي قال موسى (ع) : يا ربّ ليتني كنت أراهم فأوحى الله عزوجل اليه : يا موسى لن تراهم وليس أوان ظهورهم ولكن سوف تراهم في الجنان جنّات عدن والفردوس بحضرة محمّد (ص) في نعيمها يتقلّبون وفي خيراتها تبجّحون ، أفتحبّ ان أسمعك كلامهم؟ ـ قال : نعم الهى ، قال الله جلّ جلاله : قم بين يدىّ واشدد مئزرك قيام العبد الذّليل بين يدي الملك الجليل ، ففعل ذلك موسى (ع) فنادى ربّنا عزوجل : يا أمّة محمّد (ص)؟ ـ فأجابوا كلّهم وهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمّهاتهم : لبّيك لبّيك لا شريك لك لبّيك انّ الحمد والنّعمة والملك لك ، لا شريك لك ، قال : فجعل الله عزوجل تلك الاجابة شعار الحاجّ ، ثمّ نادى ربّنا عزوجل : يا أمّة محمّد (ص) انّ قضائي عليكم انّ رحمتي سبقت غضبى ، وعفوي قبل عقابي ، فقد استجبت لكم قبل ان تدعوني ، وأعطيتكم من قبل ان تسألونى ، من لقيني بشهادة ان لا اله الّا الله وحده لا شريك له وانّ محمّدا (ص) عبده ورسوله صادق في أقواله محقّ في أفعاله ، وانّ علىّ بن ابى طالب (ع) اخوه ووصيّه من بعده ووليّه ويلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمّد (ص) وانّ أولياءه المصطفين الطّاهرين المطهّرين المثابين بعجائب آيات الله ودلائل حجج الله من بعدهما أولياؤه ادخله جنّتى وان كانت ذنوبه مثل زبد البحر ، قال : فلمّا بعث الله محمّدا (ص) قال : يا محمّد وما كنت بجانب الطّور إذ نادينا أمّتك بهذه الكرامة ثمّ قال عزوجل لمحمّد (ص) : قل : الحمد لله ربّ العالمين على ما اختصّنى به من هذه الفضيلة ، وقال لامّته : قولوا : الحمد لله ربّ العالمين على ما اختصّنا به من هذه الفضائل (وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ) اى لو لا كراهة ان تصيبهم مصيبة (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) بجهالتهم (فَيَقُولُوا) بعد ذلك اعتراضا علينا واعتذارا عن جهالتهم (رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً) فنعلم انّ لك آيات (فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) فلم تصبنا تلك المصيبة بجهالتنا ما أرسلناك إليهم لعدم استعدادهم واستحقاقهم لرسول مثلك (فَلَمَّا