الولاية (وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) قادرين على الأبصار أو ذوي بصر أو ذوي فطانة وبصيرة باطنيّة (وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ) اى ذكّرهم أو اذكر أو أرسلنا إليهم (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ) فائتين أو معجزين (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً) الحاصب الرّيح للّتى تجمد التّراب أو المراد من الحاصب من يسقط الحصباء فان كان المراد به الرّيح كان المراد قوم هود فانّه تعالى اهلكهم بريح صرصر عاتية وان كان المراد به المعنى الثّانى كان المقصود قوم لوط (وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ) كاهل مدين وقوم صالح (وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ) كقارون (وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا) كقوم نوح وفرعون وقومه (وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ) متعلّق باتّخذوا أو حال من قوله تعالى : (أَوْلِياءَ) اى اتّخذوا أولياء حالكون الأولياء بعضا من غير الله (كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ) ولمّا كانت الولاية تطلق على ولاية المعاشرة وهي المحابّة بين الخلق والمؤالفة وتطلق على قبول السّلطنة والحكومة الحاصل بالبيعة العامّة أو الخاصّة وكلّ منهما يعتمد الصّاحب فيه على الصّاحب الّذى تولّاه ويجعله ظهرا لنفسه وحصنا لوقت حاجته ، كانت قد تمثّل بالبيت وقد تمثّل بالحبل وقد تمثّل بالحصن ، وقد يقال لها الظّهر والوليجة والمعتمد والاستن وغير ذلك وإذا كانت الولاية بالبيعة الالهيّة حصل من الوالي في المولّى عليه صورة ملكوتيّة هي ما بها الاتّصال بين الوالي والمولّى عليه وهي حافظته من كلّ آفة وهي حصنه المانع من تصرّف الشّيطان نحو تصرّف يخرجه من تلك الولاية وبتلك الاعتبارات تسمّى بالحبل والبيت والحصن وغير ذلك ، وإذا لم تكن الهيّة أو لم تكن حاصلة بالبيعة كان اعتماد المولّى عليه على الوالي واتّصاله به وتحفّظه من الآفات بولايته من محض تخيّل المولّى عليه لا من امر حاصل من الوالي فيه وما كان محض تخيّل المولّى عليه لم يكن له اثر فيه في نفس الأمر وكان كالعنكبوت الّتى تتّخذ من ريقها بيتا ليحفظها عن الحرّ والبرد ومن سائر الآفات الواردة عليه من سائر الحشرات ومن الرّياح وغيرها والحال انّه لا يحفظها من شيء من ذلك (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) انّ تلك الولاية ليست الّا محض التّخيّل من غير امر حاصل منها في نفس الأمر لامتنعوا منها ، أو لفظة لو للتّمنّى ، أو المعنى لو كانوا من أهل العلم لعلموا انّ كلّ ما يدعونه ليس غير الله وانّما هو بحسب مداركهم الجزئيّة يتراءى غير الله (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) ما نافية وما تدعون منقطع عن سابقه أو متّصل به ويعلم معلّق عن العمل فيه وهذا أوفق بالمعنى الأخير لقوله لو كانوا يعلمون يعنى انّ كلّما تدعونه وتتخيّلون انّه غير الله ليس غير الله بل الظّاهر فيه هو الله والباطن فيه أيضا هو الله لكنّكم لتقيّدكم وتحدّدكم بالمدارك الجزئيّة الّتى لا تدرك الّا الكثرات المتغايرات المتحدّدات لا تدركون منها الواحد الأحد المقوّم لها وتدعونها من حيث انّها متغايرات كلّ من الآخر والكلّ مع الله والله يعلم ذلك ويعلم انّ المقوّم للكلّ والظّاهر فيه والباطن فيه هو الله ، وانّ كلّ ما يدعونه كانوا في تلك الدّعوة داعين لله لا غيره ، ولمّا كان العبادة بنيّة العابد والنّيّة لا تكون الّا بالعلم بالمنوىّ وهؤلاء لا يعلمون ذلك حتّى ينووا عبادة الله في تلك العبادة كانوا مؤاخذين في تلك الدّعوة والعبادة لا مأجورين وقد مضى في سورة البقرة عند قوله تعالى (وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) ما يبيّن هذا المطلب ويحقّقه وقد قيل بالفارسيّة بيانا لهذا المطلب :
اگر مؤمن بدانستى كه بت چيست |
|
يقين كردى كه دين در بت پرستيست |
اگر كافر ز بت آگاه بودى |
|
چرا در دين خود گمراه بودى |
أو لفظة ما موصولة والمعنى ظاهر ، أو مصدريّة ومن شيء بيان للمصدر والشّيء عبارة عن الدّعاء اليسير أو ما