زر (١) قال : الغيب القرآن وقال عطاء بن أبي رباح : من آمن بالله فقد آمن بالغيب. وقال إسماعيل بن أبي خالد : يؤمنون بالغيب قال : بغيب الإسلام. وقال زيد بن أسلم : الذين يؤمنون بالغيب قال : بالقدر. فكل هذه متقاربة في معنى واحد لأن جميع المذكورات من الغيب الذي يجب الإيمان به.
وقال سعيد بن منصور : حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد قال : كنا عند عبد الله بن مسعود جلوسا فذكرنا أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم وما سبقونا به فقال عبد الله : إن أمر محمد صلىاللهعليهوسلم كان بيّنا لمن رآه ؛ والذي لا إله غيره ما آمن أحد قط إيمانا أفضل من إيمان بغيب ثم قرأ (الم ، ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) ـ إلى قوله ـ (الْمُفْلِحُونَ) وهكذا رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم في مستدركه من طرق عن الأعمش به. وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وفي معنى هذا الحديث الذي رواه أحمد (٢) : حدثنا أبو المغيرة حدثنا الأوزاعي حدّثني أسيد بن عبد الرحمن عن خالد بن دريك عن ابن محيريز قال : قلت لأبي جمعة [رجل من الصحابة] : حدّثنا حديثا سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : نعم أحدّثك حديثا جيّدا : تغذينا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فقال : يا رسول الله هل أحد خير منا؟ أسلمنا معك وجاهدنا معك. قال «نعم قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني» : طريق أخرى. قال أبو بكر بن مردويه في تفسيره : حدّثنا عبد الله بن جعفر حدّثنا إسماعيل عن عبد الله بن مسعود حدّثنا عبد الله بن صالح حدّثنا معاوية بن صالح عن صالح بن جبير قال : قدم علينا أبو جمعة الأنصاري صاحب رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ببيت المقدس ليصلي فيه ومعنا يومئذ رجاء بن حيوة رضي الله عنه فلما انصرف خرجنا نشيعه ، فلما أراد الانصراف قال : إن لكم جائزة وحقا ، أحدّثكم بحديث سمعته من رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قلنا : هات رحمك الله قال : كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومعنا معاذ بن جبل عاشر عشرة فقلنا : يا رسول الله هل من قوم أعظم منّا أجرا؟ آمنا بالله واتبعناك ، قال : «ما يمنعكم من ذلك ورسول الله بين أظهركم يأتيكم بالوحي من السماء بل قوم من بعدكم يأتيهم كتاب بين لوحين يؤمنون به ويعملون بما فيه أولئك أعظم منكم أجرا مرتين» ثم رواه من حديث ضمرة بن ربيعة عن مرزوق بن نافع عن صالح بن جبير عن أبي جمعة بنحوه. وهذا الحديث فيه دلالة على العمل بالوجادة (٣) التي اختلف فيها أهل الحديث كما قررته في أول شرح البخاري لأنه مدحهم على
__________________
(١) بالزاي المكسورة وراء مشدّدة. وهو زرّ بن جيش بن حباشة بن أوس الأسدي الكوفي الغاضري ، أبو مريم ، المتوفى نحو ٨١ ه. ثقة جليل ، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
(موسوعة رجال الكتب التسعة ١ / ٥١٨)
(٢) مسند أحمد (ج ٦ ص ٤٣)
(٣) الوجادة (في اصطلاح المحدّثين) : اسم لما أخذ من العلم من صحيفة ، من غير سماع ولا إجازة ولا مناولة.