فيقول لهم عيسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، ولم يذكر ذنبا ، نفسي نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى محمد صلىاللهعليهوسلم.
فيأتون محمدا صلىاللهعليهوسلم فيقولون : يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء ، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فأقوم فآتي تحت العرش ، فأقع ساجدا لربي عزوجل ، ثم يفتح الله علي ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه ما لم يفتحه على أحد قبلي ، فيقال : يا محمد ارفع رأسك وسل تعطه ، واشفع تشفع ، فأرفع رأسي فأقول : أمتي يا رب ، أمتي يا رب ، فيقال : يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة ، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ، ثم قال : والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر ، أو كما بين مكة وبصرى ، أخرجاه في الصحيحين (١).
وقال مسلم (٢) رحمهالله : حدثنا الحكم بن موسى ، حدثنا عقل بن زياد عن الأوزاعي ، حدثني أبو عمار ، حدثني عبد الله بن فروخ ، حدثني أبو هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشق عنه القبر يوم القيامة ، وأول شافع وأول مشفع». وقال ابن جرير (٣) : حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع عن داود بن يزيد الزعافري عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) سئل عنها فقال : «هي الشفاعة» رواه الإمام أحمد عن وكيع ومحمد بن عبيد عن داود عن أبيه عن أبي هريرة عن النبيصلىاللهعليهوسلم في قوله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) قال «هو المقام الذي أشفع لأمتي فيه» (٤).
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن الزهري ، عن علي بن الحسين قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم «إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه ـ قال النبي صلىاللهعليهوسلم ـ فأكون أول من يدعي ، وجبريل عن يمين الرحمن تبارك وتعالى والله ما رآه قبلها ، فأقول : أي رب إن هذا أخبرني أنك أرسلته إلي ، فيقول الله عزوجل ، صدق ، ثم أشفع فأقول : يا رب عبادك عبدوك في أطراف الأرض ، قال : فهو المقام المحمود» وهذا حديث مرسل.
(وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً (٨٠) وَقُلْ جاءَ
__________________
(١) أخرجه البخاري في تفسير سورة ١٧ ، باب ٥ ، ومسلم في الإيمان حديث ٣٢٧.
(٢) كتاب الفضائل حديث ٣.
(٣) تفسير الطبري ٨ / ١٣٣.
(٤) المسند ٢ / ٤٤١ ، ٥٢٨.