محجلون من أثر الوضوء ، ليس أحد كذلك غيرهم ، وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم ، وأعرفهم تسعى من بين أيديهم ذريتهم».
[حديث أبي هريرة رضي الله عنه]
قال الإمام أحمد (١) رحمهالله : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا أبو حيان ، حدثنا أبو زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم بلحم ، فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهش منها نهشة ، ثم قال : «أنا سيد الناس يوم القيامة ، وهل تدرون مم ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ، يسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر ، وتدنو الشمس فيبلغ من الغم والكرب ما لا يطيقون ، ولا يحتملون فيقول بعض الناس لبعض : ألا ترون ما أنتم فيه مما قد بلغكم ، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض : عليكم بآدم ، فيأتون آدم عليهالسلام فيقولون يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه ، وأمر الملائكة فسجدوا لك ، فاشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ، وإنه قد نهاني عن الشجرة فعصيت ، نفسي نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح.
فيأتون نوحا فيقولون : يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض ، وقد سماك الله عبدا شكورا ، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول نوح : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله قط ، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي نفسي نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم.
فيأتون إبراهيم فيقولون : يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، فذكر كذباته ، نفسي نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى موسى ، فيأتون موسى عليهالسلام فيقولون : يا موسى أنت رسول الله اصطفاك الله برسالاته وبكلامه على الناس ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم موسى ، إن ربي قد غضب غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإني قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها ، نفسي نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى عيسى.
فيأتون عيسى فيقولون : يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، وكلمت الناس في المهد صبيا ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا؟
__________________
(١) المسند ٢ / ٤٣٥ ، ٤٣٦.