عبيد بن آدم وأبي مريم وأبي شعيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان بالجابية ، فذكر فتح بيت المقدس قال : قال أبو سلمة : فحدثني أبو سنان عن عبيد بن آدم ، قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول لكعب : أين ترى أن أصلي؟ فقال : إن أخذت عني صليت خلف الصخرة ، فكانت القدس كلها بين يديك ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ضاهيت اليهودية ، ولكن أصلي حيث صلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فتقدم إلى القبلة فصلى ، ثم جاء فبسط رداءه وكنس الكناسة في ردائه ، وكنس الناس ، فلم يعظم الصخرة تعظيما يصلي وراءها وهي بين يديه كما أشار كعب الأحبار وهو من قوم يعظمونها حتى جعلوها قبلتهم ، ولكن من الله عليه بالإسلام فهدي إلى الحق ، ولهذا لما أشار بذلك ، قال له أمير المؤمنين عمر : ضاهيت اليهودية ولا أهانها إهانة النصارى الذين كانوا قد جعلوها مزبلة من أجل أنها قبلة اليهود ، ولكن أماط عنها الأذى وكنس عنها الكناسة بردائه. وهذا شبيه بما جاء في صحيح مسلم عن أبي مرثد الغنوي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» (١).
رواية أبي هريرة وهي مطولة جدا وفيها غرابة
قال الإمام أبو جعفر بن جرير (٢) في تفسير سورة سبحان : حدثنا علي بن سهل ، ثنا حجاج ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية الرياحي عن أبي هريرة أو غيره ، شك أبو جعفر ، في قول الله عزوجل (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) الآية ، قال : جاء جبريل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ومعه ميكائيل ، فقال جبريل لميكائيل : ائتني بطست من ماء زمزم كيما أطهر له قلبه وأشرح له صدره ، قال : فشق عن بطنه فغسله ثلاث مرات ، واختلف إليه ميكائيل بثلاث طساس من ماء زمزم ، فشرح صدره فنزع ما كان فيه من غل ، وملأه علما وحلما وإيمانا ويقينا وإسلاما ، وختم بين كتفيه بخاتم النبوة ، ثم أتاه بفرس فحمله عليه كل خطوة منه منتهى بصره أو أقصى بصره.
قال : فسار وسار معه جبريل عليهماالسلام ، قال : فأتى على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم ، كلما حصدوا عاد كما كان ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم «يا جبريل ما هذا؟» قال : هؤلاء المجاهدون في سبيل الله تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف ، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ، ثم أتى على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر ، كلما رضخت عادت كما كانت ولا يفتر عنهم من ذلك شيء ، فقال «ما هؤلاء يا جبريل؟» قال : هؤلاء الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة المكتوبة.
__________________
(١) أخرجه مسلم في الجنائز حديث ٩٧ ، ٩٨.
(٢) تفسير الطبري ٨ / ٧ ـ ١٢.