لمال المرء يصلحه فيغني |
|
مفاقره أعفّ من القنوع (١) |
قال : يغني من السؤال ، وبه قال ابن زيد. وقال زيد بن أسلم : القانع المسكين الذي يطوف ، والمعتر الصديق والضعيف الذي يزور ، وهو رواية عن ابنه عبد الله بن زيد أيضا. وعن مجاهد أيضا : القانع جارك الغني الذي يبصر ما يدخل بيتك ، والمعتر الذي يعتريك من الناس ، وعنه : أن القانع هو الطامع ، والمعتر هو الذي يعتر بالبدن من غني أو فقير ، وعن عكرمة نحوه ، وعنه : القانع أهل مكة ، واختار ابن جرير أن القانع هو السائل ، لأنه من أقنع بيده إذا رفعها للسؤال ، والمعتر من الاعتراء وهو الذي يتعرض لأكل اللحم. وقد احتج بهذه الآية الكريمة من ذهب من العلماء إلى أن الأضحية تجزأ ثلاثة أجزاء : فثلث لصاحبها يأكله ، وثلث يهديه لأصحابه ، وثلث يتصدق به على الفقراء ، لأنه تعالى قال : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ).
وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال للناس : «إني كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث ، فكلوا وادخروا ما بدا لكم». وفي رواية «فكلوا وادخروا وتصدقوا». وفي رواية «فكلوا وأطعموا وتصدقوا» (٢). والقول الثاني : أن المضحي يأكل النصف ويتصدق بالنصف ، لقوله في الآية المتقدمة : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) [الحج : ٢٨] ولقوله في الحديث : فكلوا وادخروا وتصدقوا» فإن أكل الكل ، فقيل : لا يضمن شيئا ، وبه قال ابن سريج من الشافعية. وقال بعضهم : يضمنها كلها بمثلها أو قيمتها. وقيل يضمن نصفها وقيل ثلثها. وقيل أدنى جزء منها ، وهو المشهور من مذهب الشافعي. وأما الجلود ففي مسند أحمد (٣) عن قتادة بن النعمان في حديث الأضاحي «فكلوا وتصدقوا ، واستمتعوا بجلودها ولا تبيعوها» ومن العلماء من رخص في بيعها ، ومنهم من قال : يقاسم الفقراء ثمنها ، والله أعلم.
[مسألة] عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن
__________________
(١) البيت للشماخ في ديوانه ص ٢٢١ ، ولسان العرب (ضيع) ، (قنع) ، وتهذيب اللغة ١ / ٢٥٩ ، ٣ / ٧١ ، وجمهرة اللغة ص ٩٤٢ ، وكتاب العين ١ / ١٧٠ ، ومقاييس اللغة ٥ / ٣٣ ، وكتاب الجيم ٣ / ٧٨ ، وأساس البلاغة (فقر) ، وحماسة البحتري ص ٢١٦ ، وبلا نسبة في لسان العرب (فقر) ، (ضيع) ، والمخصص ١٢ / ٢٨٧ ، وتاج العروس (فقر) ، (ضيع) ، (كنع) ، (حفف)
(٢) أخرجه البخاري في الأضاحي باب ١٦ ، ومسلم في الأضاحي حديث ٣٧ ، وأبو داود في الأضاحي باب ١ ، والترمذي في الأضاحي باب ١٤ ، والنسائي في الضحايا باب ٣٦ ، وابن ماجة في الأضاحي باب ١٦ ، وأحمد في المسند ٣ / ٢٣ ، ٤٨ ، ٥٧ ، ٦٣ ، ٦٦ ، ٨٥ ، ٣٨٨ ، ٥ / ٧٥ ، ٧٦ ، ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٦ / ٥١.
(٣) المسند ٤ / ١٥.