وستين بدنة جعل يطعنها بحربة في يده (١).
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن قتادة قال : في حرف ابن مسعود صوافن أي معقلة قياما. وقال سفيان الثوري عن منصور عن مجاهد من قرأها صوافن قال : معقولة ، ومن قرأها صواف قال تصف بين يديها ، وقال طاوس والحسن وغيرهما فاذكروا اسم الله عليها صوافي يعني خالصة لله عزوجل ، وكذا رواه مالك عن الزهري. وقال عبد الرحمن بن زيد : صوافي ليس فيها شرك كشرك الجاهلية لأصنامهم.
وقوله : (فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها) قال ابن أبي نجيح عن مجاهد : يعني سقطت إلى الأرض ، وهو رواية عن ابن عباس ، وكذا قال مقاتل بن حيان وقال العوفي عن ابن عباس : فإذا وجبت جنوبها يعني نحرت. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : فإذ وجبت جنوبها ، يعني ماتت ، وهذا القول هو مراد ابن عباس ومجاهد ، فإنه لا يجوز الأكل من البدنة إذا نحرت حتى تموت وتبرد حركتها. وقد جاء في حديث مرفوع «لا تعجلوا النفوس أن تزهق» وقد رواه الثوري في جامعه عن أيوب عن يحيى بن أبي كثير عن فرافصة الحنفي ، عن عمر بن الخطاب أنه قال ذلك ، ويؤيده حديث شداد بن أوس في صحيح مسلم «إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، وليحد أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته» (٢) وعن أبي واقد الليثي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة» (٣) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه.
وقوله : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) قال بعض السلف : قوله : (فَكُلُوا مِنْها) أمر إباحة. وقال مالك : يستحب ذلك ، وقال غيره : يجب ، وهو وجه لبعض الشافعية.
واختلفوا في المراد بالقانع والمعتر ، فقال العوفي عن ابن عباس : القانع المستغني بما أعطيته وهو في بيته ، والمعتر الذي يتعرض لك ويلم بك أن تعطيه من اللحم ولا يسأل ، وكذا قال مجاهد ومحمد بن كعب القرظي. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : القانع المتعفف ، والمعتر السائل ، وهذا قول قتادة وإبراهيم النخعي ومجاهد في رواية عنه. وقال ابن عباس وعكرمة وزيد بن أسلم وابن الكلبي والحسن البصري ومقاتل بن حيان ومالك بن أنس : القانع هو الذي يقنع إليك ويسألك ، والمعتر الذي يعتريك يتضرع ولا يسألك ، وهذا لفظ الحسن. وقال سعيد بن جبير : القانع هو السائل ، قال : أما سمعت قول الشماخ : [الوافر]
__________________
(١) لم أجد الحديث بهذا اللفظ في صحيح مسلم.
(٢) أخرجه مسلم في الصيد حديث ٥٧.
(٣) أخرجه أبو داود في الأضاحي باب ٢٤ ، والترمذي في الصيد باب ١٢ ، وابن ماجة في الصيد باب ٨ ، والدارمي في الصيد باب ٩ ، وأحمد في المسند ٥ / ٢١٨.