[ذكر ما فعله صاحب الشّامة ببلاد الشام]
وكان الحسين بن زكرويه صاحب الشّامة قد قويت شوكته ، وعظمت أذيّته ، فصالحه أهل دمشق على أموال ، فانصرف عنها إلى حمص ، فملكها وآمن أهلها ، وتسمّى بالمهديّ. وسار إلى المعرّة ، وحماة ، فقتل وسبى النّساء ، وجاء إلى بعلبكّ ، فقتل عامّة أهلها ، وسار إلى سلمية ، فدخلها بعد ممانعة ، وقتل من بها من بني هاشم ، وقتل الصّبيان والدّوابّ ، حتّى ما خرج منها وبها عين تطرف (١).
[هزيمة صاحب الشّامة وقتله]
ثم إنّ محمد بن سليمان الكاتب ـ لمّا سيّره المكتفي ـ التقى هو وهذا الكلب بقرب حمص ، فهزمهم محمد ، وأسر منهم خلقا. وركب صاحب الشّامة وابن عمّه المدّثّر وغلامه ، واخترق البرّيّة نحو الكوفة ، فمرّوا على الفرات بداليّة ابن طوق (٢) ، فأنكروا زيّهم ، فتهدّدهم والي ذلك الموضع ، فاعترف أنّ صاحب الشّامة خلف تلك الرّابية ، فجاء الوالي فأخذهم ، وحملهم إلى المكتفي بالرّقّة.
ثمّ أدخلوا إلى بغداد بين يديه ، فعذّبهم ، وقطع أيديهم ، ثمّ أحرقهم (٣) ، ولله الحمد.
__________________
(١) انظر هذا الخبر في حوادث سنة ٢٩٠ ه. في :
تاريخ الطبري ١٠ / ١٠٠ ، وتاريخ أخبار القرامطة ٢٠ ، ٢١ ، والكامل في التاريخ ٧ / ٥٢٣ ، ٥٢٤ ، وكنز الدرر (الدرّة المضية) ٧٢ ، ودول الإسلام ١ / ١٧٦ (حوادث ٢٩١ ه.) ، ومرآة الجنان ٢ / ٢١٨ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٣٨٥.
(٢) داليّة ابن طوق : مدينة صغيرة على شاطئ الفرات في غربيّه بين عانة والرحبة (رحبة مالك بن طوق).
(٣) انظر تفاصل هذا الخبر فيه :
تاريخ الطبري ١٠ / ١٠٨ ـ ١١٤ ، تاريخ أخبار القرامطة ٢٢ ـ ٢٥ ، كنز الدرر (الدرّة المضيّة) ٧٣ ـ ٧٥ ، العبر ٢ / ٨٧ ، ٨٨. دول الإسلام ١ / ١٧٦ ، مرآة الجنان ٢ / ٢١٨ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٣٨٥.