شمائله ومحاسنه ، فأحضرني ، فرأيت شيخا لم تر عيناي مثله (١).
سمعت محمد بن يعقوب الحافظ يقول : إنّما أخرجت مدينتنا هذه ثلاثة :
محمد بن يحيى ، ومسلم بن الحجّاج ، وإبراهيم بن أبي طالب. كنّا نجلس بين يديه ، كأنّ على رءوسنا الطّير ، بينا نحن بين يديه إذ عطس أبو زكريّا العنبريّ ، فأخفى عطاسه ، فقلت له سرّا : لا تخفي ، فلست بين يدي الله تعالى (٢).
سمعت أبا عبد الله بن يعقوب : سمعت أبا حامد بن الشّرقيّ يقول : إنّما أخرجت خراسان من أئمّة الحديث خمسة : محمد بن يحيى ، والبخاريّ ، والدّارميّ ، ومسلم ، وإبراهيم بن أبي طالب (٣).
سمعت أبا الفضل محمد بن إبراهيم : سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول : قال لي محمد بن يحيى : من أحفظ من رأيت بالعراق؟
قلت : لم أر بعد أحمد بن حنبل مثل أبي كريب.
ثنا أبو الوليد حسّان بن محمد : سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول :دخلت على أحمد بن حنبل غير مرّة رجاء أن آخذ عنه حديثا ، فقلت يوما حديث أبي سلمة ، عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «امرؤ القيس قائد لواء الشّعراء إلى النّار» (٤).
فقال : قيل عن الزّهريّ عن أبي سلمة. فقلت : من ذكره عن الزّهريّ؟
قال : أبو الجهم. فقلت : من رواه عن أبي الجهم؟ فسكت. فلمّا عاودته قال : اللهمّ سلّم. فسكتّ (٥).
قلت : ترك الإمام أحمد التحديث لله لما في النّفس فيه من الحفظ ، فملأ الله البلاد بحديثه ، وعاش ولده ، وروى عنه شيئا كثيرا إلى الغاية ، ونفع الله به
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٥٤٩ ، ٥٥٠.
(٢) تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٣٨ ، سير أعلام النبلاء ١٣ / ٥٤٨ ، ٥٤٩ وفيه : «فقلت له : قليلا قليلا ، لا تخف ..».
(٣) تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٣٨ ، ٦٣٩ ، سير أعلام النبلاء ١٣ / ٥٥٠.
(٤) أخرجه الإمام أحمد في المسند ٢ / ٢٢٨.
(٥) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٥٤٩.