مجرى التلاعب بالدين والمراغمة لإجماع المسلمين ، ثم لا قائل بخلق الجنة دون النار ، فثبوتها ثبوتها.
الثاني ـ الآيات الصريحة في ذلك كقوله تعالى : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ، عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى. عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) (١)
وكقوله في حق الجنة : (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (٢) (أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) (٣) (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ) (٤)
وفي حق النار : (أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) (٥) ، (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ) (٦) وحملها على التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي مبالغة في تحققه مثل : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) (٧) (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ) (٨)
خلاف الظاهر ، فلا يعدل إليه بدون قرينة. تمسك المنكرون بوجوه :
الأول ـ أن خلقهما قبل يوم الجزاء عبث لا يليق بالحكيم. وضعفه ظاهر.
الثاني ـ أنهما لو خلقتا لهلكتا لقوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (٩) واللازم باطل للإجماع على دوامهما ، وللنصوص الشاهدة بدوام أكل الجنة وظلها.
وأجيب بتخصيصها من آية الهلاك جمعا بين الأدلة ، وبحمل الهلاك على غير الفناء كما مر ، وبأن الدوام المجمع عليه هو أنه لا انقطاع لبقائهما ، ولا انتهاء لوجودهما بحيث لا يبقيان على العدم زمانا يعتد به ، كما في دوام المأكول ، فإنه على التجدد والانقضاء قطعا(١٠) ، وهذا لا ينافي فناء لحظة.
الثالث ـ أنهما لو وجدتا الآن ، فإما في هذا العالم ، أو في عالم آخر ، وكلاهما باطل.
__________________
(١) سورة النجم آية رقم ١٣ ، ١٤ ، ١٥.
(٢) سورة آل عمران آية رقم ١٣٢.
(٣) سورة الحديد آية رقم ٢١.
(٤) سورة الشعراء آية رقم ٩٠.
(٥) سورة البقرة آية رقم ٢٤.
(٦) سورة الشعراء آية رقم ٩١.
(٧) سورة ق آية رقم ٢٠.
(٨) سورة الأعراف آية رقم ٤٤.
(٩) سورة القصص آية رقم ٨٨.
(١٠) سقط من (ب) لفظ (قطعا)