على البنية والمزاج ، ولأن الميت ربما يرى مدة بحالة من غير تحرك وتكلم. وربما يدفن في مضيق لا يتصور جلوسه فيه. وربما يحرق فتذروه الرياح رمادا ، وتجويز حياته وعذابه ليس بأبعد من تجويز سرير الميت وكلامه وعذابه.
والجواب ـ أنه لا عبرة بالاستبعاد مع إخبار الصادق على أنه لو سلم اشتراط الحياة بالبنية ، فلا يبعد أن يبقى من الأجزاء الأصلية ما يصلح بنيته ، وأن يكون التعذيب والمسألة مع الروح أو الأجزاء الأصلية ، فلا يشاهده الناظر ، وأن يوسع القادر المختار اللحد بحيث يمكن الجلوس).
في سؤال القبر وعذابه. اتفق الإسلاميون على حقية سؤال منكر ونكير في القبر ، وعذاب الكفار وبعض العصاة فيه. ونسب خلافه إلى بعض المعتزلة. قال بعض المتأخرين منهم : حكى إنكار ذلك عن ضرار بن عمرو (١) وإنما نسب إلى المعتزلة ، وهم براء منه لمخالطة ضرار إياهم ، وتبعه قوم من السفهاء المعاندين للحق. لنا الآيات كقوله تعالى في آل فرعون : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا) (٢)
أي قبل القيامة ، وذلك في القبر بدليل قوله تعالى : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) (٣)
وكقوله تعالى من قوم نوح : (أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً) (٤)
والفاء للتعقيب ، وكقوله تعالى : (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) (٥)
وإحدى الحياتين ليست إلا في القبر ، ولا يكون إلا لأنموذج ثواب أو عقاب
__________________
(١) هو صرار بن عمرو الغطفاني : قاض من كبار المعتزلة طمع برياستهم في بلده فلم يدركها فخالفهم فكفروه وطردوه وصنف نحو ثلاثين كتابا بعضها في الرد عليهم وعلى الخوارج وفيها ما هو مقالات خبيثة ، وشهد عليه الإمام أحمد بن حنبل عند القاضي سعيد بن عبد الرحمن الجمحي فأفتى بضرب عنقه فهرب مات نحو ١٩٠ ه راجع لسان الميزان ٣ : ٣٠٣.
(٢) سورة غافر آية رقم ٤٦.
(٣) سورة غافر آية رقم ٤٦.
(٤) سورة نوح آية رقم ٢٥.
(٥) سورة غافر آية رقم ١١.