مسألة من الأصول ، بل انتفاء الاعتقاد فيها على دليل حتى لو انتفى لم يكن مؤمنا. وحمله على نفي كمال الإيمان لإخلاله بالواجب مما لا يتصور فيه نزاع. والمعتزلة يشترطون حتى لو انتفى ، انتفى الإيمان ، وهو ظاهر البطلان ، إلا إذا أريد الوجوب على الكفاية ، فيصير مسألة صاحب الكبيرة ، وعن بعضهم أن وجوب النظر إنما هو في حق البعض. وأما العاجز كالعوام ، وبعض العبيد ، والنسوان ، فلا يكلف إلّا بتقليد المحق والظن الصائب ، وقيل : كلفوا سماع أوائل الدلائل التي تتسارع إلى الأفهام ، فإن فهموا فهم أصحاب الجمل وإلا فليسوا مكلفين. والمتأخرون على أن ليس الخلاف في إجراء أحكام الإسلام بل في آية هل يعاقب عقوبة الكافر؟ فقيل : نعم ، لأنه جاهل بالله ورسوله ، وقيل : لا ، بل ينتقض عقابه بما له من التصديق ، ثم الخلاف فيمن نشأ في شاهق الجبل ولم يتفكر ، فأخبر بما يجب عليه اعتقاده فصدق. وأما من نشأ في دار الإسلام ولو في الصحارى ، وتواتر عنده حال النبي (صلىاللهعليهوسلم) فمن أهل النظر).
يعني القائلين بأن إيمان المقلد ليس بصحيح ، أو ليس بنافع ، فمنهم من قال : لا يشترط ابتناء الاعتقاد على استدلال عقلي في كل مسألة ، بل يكفي ابتناؤه على قول من عرف رسالته بالمعجزة مشاهدة أو تواترا ، أو على الإجماع فيقبل قول النبي (صلىاللهعليهوسلم) بحدوث العالم وثبوت الصانع ووحدانيته. ومنهم من قال لا بد من ابتناء الاعتقاد في كل مسألة من الأصول على دليل عقلي ، لكن لا يشترط الاقتدار على التعبير عنه ، وعلى مجادلة الخصوم ، ودفع الشبهة ، وهذا هو المشهور عن الشيخ أبي الحسن الأشعري ، حتى حكي عنه أنه من لم يكن كذلك ، لم يكن مؤمنا ، لكن ذكر عبد القاهر البغدادي (١) أن هذا ، وإن لم
__________________
(١) هو عبد القاهر بن طاهر بن محمد بن عبد الله البغدادي التميمي الأسفراييني أبو منصور عالم متفنن من أئمة الأصول كان صدر الإسلام في عصره. ولد ونشأ في بغداد ورحل إلى خراسان فاستقر في نيسابور وفارقها على أثر فتنة التركمان مات في أسفرائين عام ٤٢٩ من تصانيفه أصول الدين ، والناسخ والمنسوخ ، وتفسير أسماء الله الحسنى ، وغير ذلك كثير. راجع وفيات الأعيان ١ : ٢٩٨ وطبقات السبكي ٣ : ٢٣٨ والفوات ١ : ٢٩٨ ومفتاح السعادة ٢ : ١٨٥ وإنباء الرواة ٢ : ١٨٥.