التعلقات. وذهب كثير من علماء الإسلام كالإمام الغزالي (١) والكعبي ، والحليمي ، والراغب(٢) ، والقاضي أبي زيد الدبوسي إلى القول بالمعاد الروحاني والجسماني جميعا ، ذهابا إلى أن النفس جوهر مجرد يعود إلى البدن. وهذا رأي كثير من الصوفية ، والشيعة ، والكرامية ، وبه يقول جمهور النصارى ، والتناسخية.
قال الإمام الرازي : إلا أن الفرق أن المسلمين يقولون بحدوث الأرواح ، ردها إلى الأبدان ، لا في هذا العالم ، بل في الآخرة ، والتناسخية بقدمها وردها إليها في هذا العالم ، وينكرون الآخرة والجنة والنار. وإنما نبهنا على هذا الفرق لأنه يغلب على الطباع العامية أن هذا المذهب يجب ان يكون كفرا وضلالا ، لكونه مما ذهب إليه التناسخية والنصارى ، ولا يعلمون أن التناسخية إنما يكفرون لإنكارهم القيامة والجنة والنار ، والنصارى لقولهم بالتثليث. وأما القول بالنفوس المجردة فلا يرفع اصلا من أصول الدين ، بل ربما يؤيده ، ويبين الطريق إلى إثبات المعاد بحيث لا يقدح فيه شبه المنكرين ، كذا في نهاية العقول. وقد بالغ الإمام الغزالي في تحقيق المعاد الروحاني ، وبيان أنواع الثواب والعقاب بالنسبة إلى الروح ، حتى سبق إلى كثير من الأوهام ، ووقع في ألسنة بعض العوام أنه ينكر حشر الأجساد افتراء عليه. كيف وقد صرح به في مواضع من كتاب الإحياء وغيره ، وذهب إلى أن إنكاره كفر. وإنما لم يشرحه في كتبه كثير شرح ، لما قال أنه ظاهر لا يحتاج إلى زيادة بيان. نعم بما يميل كلامه وكلام كثير من القائلين بالمعادين إلى أن معنى ذلك أن يخلق الله تعالى من الأجزاء المتفرقة لذلك البدن بدنا ، فيعيد إليه نفسه المجردة الباقية بعد؟؟؟؟ البدن. ولا يضرنا كونه غير البدن الأول ، بحسب الشخص ، ولامتناع
__________________
(١) هو محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي ، أبو حامد حجة الإسلام ، فيلسوف متصوف له نحو مائتي مصنف ولد عام ٤٥٠ ه ووفاته عام ٥٠٥ ه رحل إلى نيسابور ثم إلى بغداد فالحجاز فبلاد الشام فمصر ، وعاد إلى بلدته. من كتبه إحياء علوم الدين ، وتهافت الفلاسفة ، وغير ذلك كثير.
(٢) هو الحسين بن محمد بن المفضل أبو القاسم الأصفهاني المعروف بالراغب ، أديب من الحكماء العلماء من أهل أصبهان ، سكن بغداد واشتهر حتى كان يقرن بالإمام الغزالي من كتبه محاضرات الأدباء ، والذريعة إلى مكارم الشريعة ، والأخلاق ، ويسمى أخلاق الراغب وجامع التفاسير ، والمفردات في غريب القرآن وغير ذلك كثير توفي عام ٥٠٢ ه راجع روضات الجنات ٢٤٩ وتاريخ حكماء الإسلام ١١٢.