إعادة المعدوم بعينه ، وما شهد به النصوص ومن كون أهل الجنة جردا مردا ، وكون ضرس الكافر مثل جبل أحد يعضد ذلك. وكذا قوله تعالى : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) (١).
ولا يبعد أن يكون قوله تعالى : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) (٢).
إشارة إلى هذا.
فإن قيل : فعلى هذا يكون المثاب والمعاقب باللذات والآلام الجسمانية غير من عمل الطاعة وارتكب المعصية.
قلنا : العبرة في ذلك بالإدراك. وإنما هو للروح ، ولو بواسطة الآلات ، وهو باق بعينه ، وكذا الأجزاء الأصلية من البدن. ولهذا يقال للشخص من الصبا إلى الشيخوخة أنه هو بعينه ، وإن تبدلت الصور والهيئات ، بل كثير من الآلات والأعضاء. ولا يقال لمن جنى في الشباب فعوقب في المشيب أنها عقوبة لغير الجاني.
قال لنا المعتمد في إثبات حشر الأجساد دليل السمع ، والمفصح عنه غاية الإفصاح من الأديان دين الإسلام ، ومن الكتب القرآن ، ومن الأنبياء محمد صلىاللهعليهوسلم. والمعتزلة يدعون إثباته ، بل وجوبه بدليل العقل. وتقريره أنه يجب على الله ثواب المطيعين ، وعقاب العاصين ، وأعواض المستحقين. ولا يتأتى ذلك إلا بإعادتهم بأعيانهم ، فيجب. لأن ما لا يتأتى الواجب إلا به واجب. وربما يتمسكون بهذا في وجوب الإعادة على تقدير الفناء ، ومبناه على أصلهم الفاسد (٣) في الوجوب على الله تعالى ، وفي كون ترك الجزاء ظلما لا يصح صدوره من الله تعالى ، مع إمكان المناقشة (٤) في أن الواجب لا يتم إلا به ، وأنه لا يكفي المعاد الروحاني. ويدفعون
__________________
(١) سورة النساء آية رقم ٥٦.
(٢) سورة يس آية رقم ٨١.
(٣) سقط من (ب) لفظ (الفاسد).
(٤) في (ب) المجادلة بدلا من (المناقشة).