الثانى : ألفاظ مجملة ومتشابهة كحروف أوائل السور فمعانيها لا يمكن أن تدرك بالعقل ، إذ اللغات تعرف بالاصطلاح ، ولم يسبق اصطلاح من الخلق على حروف التهجى ، وإن «الر» و«حم عسق» عبارة عما ذا؟ فالمعصوم أيضا لا يفهمه ، وإنما يفهم ذلك من الله تعالى إذا بين المراد به على لسان رسوله فيفهم ذلك سماعا ، وذلك لا يخلو إما : أن لم يذكره الرسول لأنه لا حاجة إلى معرفته ، ولم يكلف الخلق به ؛ فالمعصوم شريك فى أنه لا يعرفه إذ لم يسمعه من الرسول وإن عرفه وذكره فقد ذكر ما بالخلق مندوحة عن معرفته ، فإنهم لم يكلفوه. وإن ذكره الرسول فقد اشترك فى معرفته من بلغه الخبر ـ متواترا كان أو آحادا ، وفيه عن ابن عباس وجماعة من المفسرين نقل ، فإن كان متواترا أفاد علما ، وإلا أفاد ظنا ، والظن فيه كاف ، بل لا حاجة إلى معرفته فإنه لا تكليف فيه ، وأما وقت القيامة فلم يذكره الله تعالى ، ولا ذكره رسوله عليهالسلام ، وإنما يجب التصديق بأصل القيامة ولا يجب معرفة وقتها ، بل مصلحة الخلق فى إخفائها عنهم ولذلك طوى منهم.
فالمعصوم من أين عرف ذلك الكلام ولم يذكره الله ولا رسوله ، ولا مجال لضرورة العقل ولا لنظره فى تعيين الوقت؟! ثم لنقدر أنه عرف ذلك وزعم أنه صلىاللهعليهوسلم ذكره سرا مع على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ وذكره كل إمام مع سوسه فأى فائدة للخلق فيه وهو سرّ لا يجوز أن يذكر إلا مع الأئمة؟ فإن ذكره معصومكم وأفشى هذا السر الّذي أمر الله تعالى بكتمانه إذ قال تعالى : (أَكادُ أُخْفِيها) [طه : ١٥] ، كان معاندا لله ورسوله ؛ وإن كان لا يفشيه فكيف يتعلم منه ما لا يجوز تعليمه؟ فدلّ على أن الأمور العقلية محتاجة إلى التعليم. ولكن المعلم إن كان ينبه على طريق النظر فيه فلا يشترط عصمته ؛ وإن كان يقلد من غير دليل فلا بد أن تعرف بالمعجزة عصمته وهو النبي ، وناهيك به معلما ، فلا حاجة إلى غيره.
القسم الثالث : الألفاظ التى ليست مجملة ولا صريحة ، ولكنها ظاهرة فإنها تثير