أنى شاهدت معصومكم قلب العصا ثعبانا ، أو أحيا الموتى ، أو أبرأ الأكمه والأبرص وأنا أشاهده ، فلا يبين لى صدقه بضرورة العقل ولا أثق بالنظر. وكم من أصناف الخلائق شاهدوا ذلك وأنكروه ، فحمله بعضهم على السحر والمخرقة ، وبعضهم على غيره ، فلعلكم تشبعون غصته بأن تقولوا له : قلد الإمام المعصوم ولا تسأل عن السبب ؛ فيقول : ولم لا أقلد المخالفين لكم فى إنكار النبوة والعصمة ، وهل بينهما فرق من طول لحية أو بياض وجه ـ إلى غير ذلك مما هذوا به؟! وهذا قلب لو اجتمع أولهم مع آخرهم على الخلاص منه دون الأمر بالتفكر والنظر فى الدليل لم يجدوا إليه سبيلا.
(الجواب الثانى) وهو التحقيق : هو أنّا نقول للمسترشد : ما ذا تطلب؟ فإن كنت تطلب العلوم كلها ، فما أشد فضولك وأعظم خطبك وأطول أملك! فاشتغل من العلوم بما يهمك : وإن قال : أريد ما يهمنى. قلنا : ولا مهم إلا معرفة الله ورسوله ؛ وهذا معنى قوله : «لا إله إلا الله ، محمد رسول الله» ، فهاتان مسألتان يسهل علينا تعليمك إياهما ، عند ذلك تذكر له المقدمات الضرورية التى ذكرناها فى إثبات واجب الوجود ، ثم مثلها فى دلالة المعجزة على صدق الرسول ، فإن زعم أن خلاف المخالفين هو الّذي يشككنى فى هذه المعرفة ، أفأتبعكم أو أتبع مخالفيكم؟ فنقول له : لا تتبعنا ولا تتبع مخالفينا ، فإن تعلم طريق التقليد مباح ، والتقليد فى النتيجة غير موثوق به. فشكك فى أى مقدمة من مقدماتنا : أفي قولنا إن أصل الوجود معترف به؟ فإن كان كذلك فعلاجك فى دار المرضى فإن هذا من سوء المزاج ، فإن من شك فى أصل الوجود فقد شك أولا فى وجود نفسه ، وإن قلت : لا أشك فى هذا بخلاف السوفسطائية ، قلنا : فقد تيقنت مقدمة واحدة ، فهل تشك فى الثانية وهى قولنا : إن كان هذا الوجود واجبا فقد ثبت واجب الوجود ، فنقول : هذا أيضا ضرورى ، قلنا : فهل تشك فى قولنا إن كان جائزا فلا يتخصص أحد طرفى الجواز من الطرف المماثل له إلا بمخصص ، فهذه أيضا مقدمة ضرورية عند من يدرك معنى اللفظ ؛ وإن كان فيه توقف فالتوقف فى درك مراد المتكلم من