لفظه ، فإن قال : نعم! لا شك فيه ، قلنا : فذلك المخصص المفتقر إليه إن كان جائزا فالقول فى ذلك لا كالقول فيه فيفتقر إلى مخصص غير جائز ، وهو المراد بواجب الوجود ، ففى ما ذا تتشكك؟ فإن قال : قد بقى لى شكّ ـ عرف به بلادته وسوء فهمه وقطع الطمع عن رشده. وليس هذا بأول بليد لا يدرك الحقائق فنخلّيه. وهو كمن يطلب علم الحساب فذكرنا له الغوامض من مقدمات الحساب من الشكل (القطاع) الّذي هو فى آخر كتاب «أقليدس» فلم يفهمه لبلادته ، بل فى الشكل الأول الّذي مضمونه إقامة البراهين على مثلث متساوى الأضلاع فلم يدركه ؛ عرفنا أن مزاجه ليس يحتمل هذا العلم الدقيق ؛ فليس كل خلقه يحتمل العلوم ، بل الصناعات والحرف ـ فهذا لا يدل على فساد هذا الأصل.
فإن قال المسترشد : لست أشك فى هذه المقدمات ولا فى النتيجة ، ولكن لم يخالفكم من يخالفكم؟ قلنا : لجهله ترتيب هذه المقدمات ، أو لعناده ، أو لبلادته ، وينكشف الغطاء بأن نشافه واحدا منهم يميل إلى الإنصاف ونراجعه فى هذه المقدمات حتى يتبين لك أنه بين أن يفهم ويصف ويعترف ، أو لا يفهم لبلادته ، أو يمنعه التعصب والتقليد عن حسن الإصغاء إليه فلا يدركه ، وعند ذلك يطلع على خطئه.
وكذلك يصنع به فى كل مسألة وينظر فيه إلى ما تحتمله حاله ويقبله ذكاؤه وفطنته ، ولا يحمّله ما لا يطيقه بل ربما يقنعه بما يورث له اعتقادا فى الحق مصمما ، فإن أكثر عوام الخلق قنع منهم الشرع بذلك ؛ ولا يكشف له عن وجه البراهين فربما لا يفهمها.
وأما (الدلالة الثالثة) وهى قولهم : الوحدة دليل الحق ، والكثرة دليل الباطل ؛ ومذهب التعليم تلزمه الوحدة ، ومذهبكم تلزمه الكثرة ، إذ لا تزال الفرقة المخالفة للتعليم يكثر اختلافهم ، ولا تزال الفرقة القابلة للتعليم يتحد طريقهم.
فالجواب من وجوه : أحدها المعارضة ، والآخر الإبطال ، والثالث التحقيق. أما