المعارضة فتقول : والصائرون إلى الافتقار إلى معلم معصوم اختلفوا فى ذلك المعصوم ، فقالت الإمامية : إنه ليس بظاهر وليس يعرف عينه ، ولكن أخفى نفسه تقية ، وقال آخرون : ليس موجودا ، ولكنه منتظر الوجود وسيوجد إذا احتمل الزمان إظهار الحق ، ولو كان يحتمل الزمان إظهاره لوجد ، فإنه لا فائدة فى كونه موجودا مع تعذر الإظهار للتقية ، وقال آخرون فى بعض الخلفاء الذين مضوا لسبيلهم إنهم أحياء وسيظهرون فى أوانه ، واختلفوا فى تعيينه حتى اعتقد فريق أن الملقب بالحاكم (١) هو حي بعد. وقال آخرون ذلك فى غيره ، إلى نوع من الخبط طويل ، فإن قيل : هؤلاء جماعة من الحمقى غير معدودين فى زمرتنا فإذا ضممتموهم إلينا وجمعتم بيننا وبينهم تطرقت الكثرة إلينا ؛ فلم تجمعون إلينا من يخالفنا كما يخالفكم؟ بل الإنصاف أن تنظروا إلينا وحدنا ونحن لا تختلف كلمتنا أصلا ؛ قلنا : ونحن أيضا إذا اعتبرنا وحدنا فنحن لا نخالف أنفسنا ، وقد يرد هذا الاعتراض لا محالة من يعتقد مذهبا فى جميع المسائل لا يخالف نفسه ، ومع جماعة من الخلق يوافقونه فى معتقده فى الجميع ؛ فإذا اعتبرتموه مع فرقته ولم تجمعوا إليهم من يخالفهم فبالحماقة والبلادة وقصور النظر ألفيت كلمتهم متحدة ؛ فلا يدل على أن الحق فيهم ، فإن قلتم : وبم عرفتم حماقة مخالفيكم؟ انقلب ذلك عليكم من مخالفتكم القائلين بوجوب التعليم من المعصوم ، وإن زعمتم أن القائلين بأن النظر صحيح فرقة واحدة وإن اختلفوا فى تفاصيل المذهب ، قلنا : والقائلون بإن الإمام المعصوم لا بدّ منه فرقة واحدة ، وإن اختلفوا فى التفصيل ، وهذا لا محيص عنه أبد الدهر.
الجواب الثانى : وهو أنا نقول : قولكم الوحدة أمارة الحق ، والكثرة أمارة الباطل ؛ باطل فى الطرفين : فربّ واحد باطل ، وربّ كثير لا ينفك عن الحق. فإنا إذا قلنا : العالم حادث أو قديم ، فالحادث واحد والقديم واحد ؛ فقد اشتركا فى
__________________
(١) الحاكم بأمر الله الفاطمى.