لزوم الوحدة ، وانقسما فى الحق والباطل. وإذا قلنا : الخمسة والخمسة عشرة ، أم لا؟ فقولنا : لا ، نفى واحد ، كقولنا عشرة : إثبات واحد ، ثم اختلفنا فكان أحدهما حقا والآخر باطلا. فإن قلتم : إن قولكم عشرة لا يمكنكم أن تقسم وتفصل إلا بواحد وقولكم لا يفصل بالتسعة والسبعة وسائر الأعداد ففيه الكثرة ؛ قلنا : ولزوم الكثرة فى مثل هذا التفصيل لا يدل على البطلان ، فإنا إذا عمدنا إلى جسمين متقاربين قلنا : إنهما متساويان أم لا؟ فقولنا : متساويان واحد وهو باطل ، ولا يمكن أن يفصل إلا بواحد ، وقولنا : لا ، إذ قلنا متفاوتان ، حق ، وهو واحد ويقبل التفصيل بما ينقسم إلى الحق والباطل ، إذ يقال : هذا الجسم مفاوت لذلك الجسم ، أى هو أكبر ؛ أو يفسر بأنه أصغر والحق أحدهما والباطل يقابله فى كونه واحدا وفى مشاركته فى الاندراج تحت لفظ واحد هو حق يدل على أن ما ذكروه تلبيس.
(الجواب الثالث) عن قولهم إن الكثرة أمارة الباطل ، فمذهبنا واحد لا كثرة فيه ، وإنما الكثرة فى الأشخاص الذين اجتمعوا على مسألة ثم افترقوا فى مسائل ؛ فلم قابلوا هذا بكثرة فى جواب المسألة وهو فى قولنا : كم الخمسة والخمسة؟ بل ورأيه من المذهب أن يفتى فى مسألة واحدة بفتاوى كثيرة متناقضة ؛ فعند ذلك يقال : الكثرة دليل الباطل ؛ ولسنا نفتى فى كل مسألة إلا بواحد ، فإنا نقول : الله واحد ، ومحمد صلىاللهعليهوسلم رسوله ، وهو صادق ومؤيد بالمعجزة فهذه فتوى واحدة فلتكن حقا ؛ وإن كان باطلا فهو موافق لمذهبهم.
وقولنا : إن نظر العقل طريق يوصل إلى درك ما لا يدرك اضطرارا ، مذهب واحد لا كثرة فيه فليكن حقا ، كما أن قولنا : العلوم الحسابية علوم صادقة ، قول واحد وكان حقا. وليتعجب من إبعادهم فى التلبيس إذ أخذوا لفظة «الكثرة» وهى لفظة مضافة مشتركة ، تارة يراد بها الكثرة فى الأجوبة عن مسألة واحدة كالجواب عن الخمسة والخمسة ، والسبعة والستة وغيرها ، وتارة تطلق ويراد كثرة الأشخاص