رقابهم وسلكنا بهم مسلك المرتدين ، وأما الأموال فحكمها حكم أموال المرتدين ، فما وقع الظفر به من غير إيجاف الخيل والركاب فهو فىء ، كمال المرتد ، فيصرفه إمام الحق على مصارف الفيء على التفصيل الّذي اشتمل عليه قوله تعالى : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) [الحشر : ٧]. وما استولينا عليه بإيجاف خيل وركاب فلا يبعد أن يسلك به مسلك الغنائم حتى يصرف إلى مصارفها ، كما اشتمل عليه قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) [الأنفال : ٤١] الآية. وهذا أحد مسالك الفقهاء فى المرتدين ، وهو أولى ما يقضى به فى حق هؤلاء ، وإن كانت الأقاويل مضطربة فيه.
ومما يتعلق بالمال أنهم إذا ماتوا لا يتوارثون فلا يرث بعضهم بعضا ، ولا يرثون من المحقين ، ولا يرث المحق ما لهم إذا كان بينهم قرابة. بل ولاية الوراثة منقطعة بين الكفار والمسلمين.
وأما أبضاع (١) نسائهم فإنها محرمة ، فكما لا يحل نكاح مرتدة لا يحل نكاح باطنية معتقدة لما حكمنا بالتكفير بسببه من المقالات الشنيعة التى فصلناها. ولو كانت متدينة ثم تلقفت مذهبهم انفسخ النكاح فى الحال إن كان قبل المسيس ، ويوقف على انقضاء العدة بعد المسيس. فإن عادت إلى الدين الحق وانسلخت عن المعتقد الباطل قبل انصرام العدة بقضاء مدتها استمر النكاح على وجهه ، وإن أصرت واستمرت حتى انقضت المدة وتصرمت العدة تبين انفساخ النكاح من وقت الردة. ومهما تزوج الباطنى المحكوم بكفره بامرأة من أهل الحق أو من أهل دينه فالنكاح باطل غير منعقد ، بل تصرفه فى ماله بالبيع وسائر العقود مردود فإن الّذي اخترناه فى الفتوى الحكم بزوال ملك المرتدين بالردة.
ويتصل بتحريم المناكحة تحريم الذبائح فلا تحل ذبيحة واحد منهم ، كما لا تحل ذبيحة المجوسى والزنديق ، فإن الذبيحة والمناكحة تتحاذيان ، فهما محرمتان
__________________
(١) أبضاع نسائهم : تزوجهن.