فليدركه موته وهو مؤمن بالله واليوم الآخر ؛ وليأت إلى الناس الّذي يحب أن يؤتى إليه» (١). وروى أنس بن مالك : عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من أصبح وهمه غير الله تعالى فليس من الله فى شيء ؛ ومن أصبح لا يهتم بالمسلمين فليس من المسلمين».
ومنها : أن يكون والى الأمر متعطشا إلى نصيحة العلماء ومتبجحا (٢) بها إذا سمعها ، وشاكرا عليها ، فقد روى أن أبا عبيدة ومعاذا كتبا إلى عمر رضى الله عنهم : «أما بعد! فإنا عهدناك وشأن نفسك لك مهمّ ؛ وأصبحت وقد وليت بأمر هذه الأمة : أسودها وأحمرها ، يجلس بين يديك الشريف والوضيع ، والصديق والعدو ؛ ولكل حصته من العدل. فانظر كيف أنت عند ذلك يا عمر! وإنا نحذرك مما حذرت الأمم قبلك ، يوم تعنو فيه الوجوه وتجب (٣) فيه القلوب ، وتقطع فيه الحجّة لعزّ ملك قهرهم جبروته والخلق داخرون له ينتظرون قضاءه ويخافون عقابه ، وإنه ذكر لنا أنه سيأتى على الناس زمان يكون إخوان العلانية أعداء السريرة ، فإنّا نعوذ بالله أن ينزل كتابنا من قبلك سوى المنزل الّذي نزل من قلوبنا ، وإنا كتبنا إليك نصيحة. والسلام!» فكاتبهما بجوابه ، وذكر فى آخر ما كتب : «إنكما كتبتما إلى نصيحة منكما بكتاب ، فإنى لا غنى بى عنكما. والسلام عليكما!».
ومنها : ألا يستحقر الوالى انتظار أرباب الحاجات ووقوفهم بالباب فى لحظة واحدة ؛ فإن الاهتمام بأمر المسلمين أهم له ، وأعود عليه مما هو متشاغل به من نوافل العبادات ، فضلا عن اتباع الشهوات ، فقد روى : (أن عمر بن عبد العزيز ـ رضى الله عنه! ـ جلس يوما للناس ، فلما انتصف النهار ضجر ومل ، فقال للناس : مكانكم حتى أعود إليكم فدخل يستريح ساعة ، فجاء ابنه عبد الملك (٤) فاستأذن
__________________
(١) رواه البخارى ومسلم.
(٢) متبجحا : فرحا.
(٣) تجب : تضطرب.
(٤) عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز ، كان شهما شديد الورع جريئا فى الحق.