وأما البابكية فاسم لطائفة منهم بايعوا رجلا يقال له بابك الخرمى (١) ، وكان خروجه فى بعض الجبال بناحية أذربيجان فى أيام المعتصم بالله ، واستفحل أمرهم واشتدت شوكتهم. وقاتلهم أفشين ، صاحب حبس المعتصم ، مداهنا له فى قتاله ومتخاذلا عن الجد فى قمعه ، إضمارا لموافقته فى ضلاله. فاشتدت وطأة البابكية على جيوش المسلمين حتى مزقوا جند المسلمين وبددوهم منهزمين ، إلى أن هبت ريح النصر ، واستولى عليهم المعتصم المترشح للإمامة فى ذلك العصر ، فصلب بابك وصلب أفشين بإزائه (٢).
وقد بقى من البابكية جماعة يقال إن لهم ليلة يجتمع فيها رجالهم ونساؤهم ويطفئون سرجهم وشموعهم ، ثم يتناهبون النساء ، فيثب كل رجل إلى امرأة يظفر بها ؛ ويزعمون أن من استولى على امرأة استحلها بالاصطياد ، فإن الصيد من أطيب المباحات. ويدعون ـ مع هذه البدعة ـ نبوة رجل كان من ملوكهم قبل الإسلام ، يقال له شروين ويزعمون أنه كان أفضل من نبينا صلىاللهعليهوسلم ومن سائر الأنبياء قبله.
وأما الإسماعيلية فهى نسبة لهم إلى أن زعيمهم محمد بن إسماعيل بن جعفر (٣) ، ويزعمون أن أدوار الإمامة انتهت به ، إذ كان هو السابع من محمد صلىاللهعليهوسلم وأدوار الإمامة سبعة سبعة عندهم ؛ فأكبرهم يثبتون له منصب النبوة ، وأن ذلك يستمر فى نسبه وأعقابه. وقد أورد أهل المعرفة بالنسب فى كتاب «الشجرة» (٤) أنه مات ولا عقب له (٥).
__________________
(١) بابك الخرمى : أصله من فارس كان بدء خروجه أيام الخليفة المأمون واستفحل أمره طوال عشرين سنة حتى أيام الخليفة المعتصم إلى أن وقع فى يد الأفشين ؛ فساقه إلى المعتصم حيث قتل أبشع قتله.
(٢) هذه مغالطة تاريخية ، تابع فيها الإمام الغزالى ـ البغدادى ـ فى كتابه «الفرق بين الفرق».
إذ لم تكن غضبة المعتصم على الأفشين لممالأته بابك الخرمى ، بل لأمور مالية ومخالفات أخذ بها الأفشين ، ذكرها ابن الأثير فى حوادث سنتى (٢٢٥ ـ ٢٢٦) ه. (ج : ٢) (ص : ١٧٣ ـ ١٧٥).
أما الّذي صلب إلى جانب بابك فهو المازيار بن مازن ، صاحب جبال «طبرستان» ، الّذي خرج أيضا على المعتصم.
(٣) ابن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب.
(٤) شجرة النسب.
(٥) من الثابت تاريخيا أنه مات ولا عقب له.