إلا على سبيل الاتفاق.
قال : ولا نسبة في الخيرية بين فعلنا وفعله تعالى.
أقول : هذا جواب عن شبهة أخرى لهم قالوا لو كان العبد فاعلا للإيمان لكان بعض أفعال العبد خيرا من فعله تعالى لأن الإيمان خير من القردة والخنازير والتالي باطل بالإجماع فالمقدم مثله.
والجواب أن نسبة الخيرية هنا منتفية لأنكم إن عنيتم بأن الإيمان خير أنه أنفع فليس كذلك لأن الإيمان إنما هو فعل شاق مضر على البدن ليس فيه خير عاجل ، وإن عنيتم به أنه خير لما فيه من استحقاق المدح والثواب به بخلاف القردة والخنازير فحينئذ لا يكون الإيمان خيرا بنفسه وإنما الخير هو ما يؤدي إليه الإيمان من فعل الله تعالى بالعبد وهو المدح والثواب وحينئذ يكون المدح والثواب خيرا وأنفع للعبد من القردة والخنازير لكن ذلك من فعله تعالى (واعلم) أن هذه الشبهة ركيكة جدا وإنما أوردها المصنف ـ ره ـ هنا لأن بعض الثنوية أورد هذه الشبهة على ضرار بن عمرو فأذعن لها والتزم بالجبر لأجلها.
قال : والشكر على مقدمات الإيمان.
أقول : هذا جواب عن شبهة أخرى لهم قالوا لو كان العبد فاعلا للإيمان لما وجب علينا شكر الله تعالى عليه والتالي باطل بالإجماع فالمقدم مثله والشرطية ظاهرة فإنه لا يحسن منا شكر غيرنا على فعلنا.
والجواب أن الشكر ليس على فعل الإيمان بل على مقدماته من تعريفنا إياه وتمكيننا منه وحضور أسبابه والأقدار على شرائطه.
قال : والسمع متأول ومعارض بمثله والترجيح معنا.
أقول : هذا جواب عن الشبه النقلية بطريق إجمالي وتقريره أنهم قالوا قد ورد في الكتاب العزيز ما يدل على الجبر كقوله تعالى (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً).