والإخلال به لأنه إخلال به لأن المشقة من غير عوض ظلم ولو أمكن الابتداء به كان عبثا.
أقول : المدح قول ينبئ عن ارتفاع حال الغير مع القصد إلى الرفع منه. والثواب هو النفع المستحق المقارن للتعظيم والإجلال. والذم قول ينبئ عن اتضاع حال الغير مع قصده. والعقاب هو الضرر المستحق المقارن للاستخفاف والإهانة. والمدح والثواب يستحقان بفعل الواجب وفعل المندوب وفعل ضد القبيح وهو الترك له على ما ذهب من يثبت الترك ضدا والإخلال بالقبيح ومنع أبو علي وجماعة من المعتزلة استحقاق المدح والثواب بالإخلال بالقبيح وصارا إلى ذلك لأن المكلف يمتنع خلوه من الأخذ والترك الذي هو فعل الضد والحق ما ذكره المصنف ـ رحمهالله ـ فإن العقلاء يستحسنون ذم المخل بالواجب وإن لم يتصوروا منه فعلا كما يستحسنون ذمه على فعل القبيح.
واعلم أنه يشترط في استحقاق الفاعل المدح والثواب إيقاع الواجب لوجوبه أو لوجه وجوبه وكذا المندوب يفعله لندبه أو لوجه ندبه وكذا في ترك القبيح يتركه لكونه ترك قبيح أو لوجه ذلك والإخلال بالقبيح لكونه إخلالا بالقبيح فإنه لو فعل الواجب أو المندوب لا لما ذكرناه لم يستحق مدحا ولا ثوابا عليهما وكذا لو ترك القبيح لغرض آخر من لذة أو غيرها لم يستحق المدح والثواب. والدليل على استحقاق الثواب بفعل الطاعة أنها مشقة قد ألزمها الله تعالى المكلف فإن لم يكن لغرض كان عبثا وظلما وهو قبيح لا يصدر عن الحكيم وإن كان لغرض فإما الإضرار وهو ظلم وإما النفع وهو إما أن يصح الابتداء به أو لا والأول باطل وإلا لزم العبث في التكليف والثاني هو المطلوب وذلك النفع هو المستحق بالطاعة المقارن للتعظيم والإجلال فإنه يقبح الابتداء بذلك لأن تعظيم من لا يستحقه قبيح.
قال : وكذا يستحق العقاب والذم بفعل القبيح والإخلال بالواجب لاشتماله على اللطف وللسمع.
أقول : كما أن الطاعة سبب لاستحقاق الثواب فكذا المعصية وهي فعل القبيح وترك الواجب سبب لاستيجاب العقاب لوجهين : أحدهما عقلي كما ذهب إليه جماعة من العدلية