متناهية بالعدد مترتبة في خلاء غير متناه ومع ذلك فيرى أن الامور الجزئية من الحيوانات والنباتات كائنة لا بحسب الاتفاق.
وفرقة أخرى لم تقدم على أن يجعل العالم بكليّته كائنا بالاتفاق ولكنّها جعلت الكائنات متكونة عن المبادي الاسطقسية بالاتفاق فما اتفق أن كان هيئة اجتماعه على نمط يصلح للبقاء والنسل بقي ونسل ، وما اتفق أن لم يكن كذلك لم ينسل. وانه قد كان في ابتداء النشور بما يتولّد حيوانات مختلطة الأعضاء من انواع مختلفة وكأن يكون حيوان نصفه أيّل ونصفه عنز ، وان اعضاء الحيوان ليست هي على ما هي عليه من المقادير والخلق والكيفيات لأغراض بل اتفقت كذلك مثلا قالوا ليست الثنايا حادة لتقطع ولا الأضراس عريضة لتطحن بل اتفق أن كانت المادة تجتمع على هذه الصورة واتفق أن كانت هذه الصورة نافعة في مصالح البقاء فاستفاد الشخص بذلك بقاء. وربما اتفق له من آلات النسل نسلا لا ليستحفظ به النوع بل اتفاقيا. انتهى ما اردنا من نقل ما في الشفاء.
بيان : قوله ولعدم الخلاء ، اي ليس لها خلاء وتجويف. قوله في طباعها متشاكل ، اي من نوع واحد. قوله كائنة لا بحسب الاتفاق ، اي كائنة بحسب الطبيعة. قوله نصفه ايّل ونصفه عنز ، ايّل بالفتح والتشديد على وزن الميّت وفي الصحاح الايل الذكر من الاوعال وهو الذي يسميه بالفارسية گوزن. وعنز بالفتح والسكون يقال بالفارسية بز كوهى. فلنرجع إلى ما كنّا فيه :
والغرض أن هؤلاء واترابهم من الفرق الطبيعية قائلون بالإيجاب والاضطرار لأن تلك المبادي لا حياة لها ولا شعور وعلم واراده واتفق أن تكوّن منها هذه المحسوسات ، واما الفيلسوف الالهي فقائل بالمبدإ الحي العالم القادر المريد السميع البصير المختار في جميع افعاله وهو دائم الفضل على البرية وحاشاهم عن التفوه بالايجاب والاضطرار وعدم الاختيار في المبدأ سبحانه وتعالى.
ثم ان هذين العلمين ، يقولان ذلك ولا يمكن استناد القديم الممكن الى المختار ، وهذا يفسره ويعلّله بقوله لان المختار هو الذي يفعل بواسطة القصد والاختيار والقصد انما يتوجه في التحصيل الى شيء معدوم لأن القصد الى تحصيل الحاصل محال وكل معدوم يجدد فهو حادث. وتفوّها بحدوث العالم بدليل كونه مختارا وبأن القول بقدمه يوجب أن يكون موجبا مضطرّا. والمحقق الطوسي في رسالته الموسومة بتذكرة آغاز وانجام قد افاد في التوحيد الصمدي الذي هو الأول والآخر والظاهر والباطن الفياض على الاطلاق ازلا وابدا على ما يراه الموحدون الشامحون في معارف الحكمة المتعالية حقائق دالّة على توغّله في توحّد الوجود الحق الصمدي الازلي في ذاته وجميع صفاته وأفعاله وقد بيّنا