الوجود ليس بمجعول بل هو الحق المتحقق في عظموت جلاله وجبروت كبريائه والماهيات اوعية تحققها هي الأذهان لا غير وانما ينتزع وتعتبر من حدود اطواره وشئونه وآياته وتلك الحدود تعتبر بما يلينا لا بما يليه لأنها بما يليه لا حدّ لها لقيامها بها كامواج البحر مثلا تعتبر حدودها بما يلينا لا بما يلي البحر لانها لا حدود لها من تلك الجهة فافهم.
والفيلسوف الالهي يبحث عن اجزاء الجسم فيجده مؤلفا من الهيولى والصورة فينتقل من ازدواجهما الى اصل مفارق يقيم أحدهما بالآخر فيثبت من هذا الطريق خالقا مدبرا قيوما قائما على الأجسام ، او يجده مؤلفا من اجزاء صغار صلبة لا تتجزّى فينتقل من تأليفها الى جامع لها مدبر فيها تدبيرا اراديا فيثبت بهذا الطريق موجودا واجبا بذاته خالقا مريدا متصفا بجميع الكمالات الغير المتناهية او يبحث عن الممكن بانه زوج تركيب من الوجود والماهية فينتقل من ازدواجهما الى جاعل الماهية موجودة وهو الله سبحانه. والعارف ينظر بنور برهان الصديقين على وجهه الاتم انه سبحانه هو الأوّل والآخر والظاهر والباطن فيحتاج في اثبات العالم الي دليل فالماهيات في منظره الأعلى كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتّى اذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفّاه حسابه.
قوله : وهما قد يقومان بانفسهما الخ. ٨٩ / ١٧
انت بما قدّمنا من معاني البسيط تدري ان بعض البسائط كالجوهر قائم بنفسه ، وبعضه كالكيف مفتقر الى المحل ، ثم ان الحيوان والسواد في الشرح مثالان للمركب اما الحيوان فظاهر وامّا السواد فباعتبار أن اللون جنس له وقابض نور البصر فصل له. وقوله لا بدوان يكون أحد أجزائه قائما بنفسه كالناطق في الحيوان.
قوله : وهو علة الغنى عن السبب ، ٩٠ / ١
اي تقدم الأجزاء على الماهية المركبة فالضمير راجع الى المصدر المستفاد من قوله عما يتقدم.
قوله : فقد ظهر أن جزء الحقيقة ، ٩٠ / ٩
قد مضى في المسألة الاولى من هذا الفصل ان الذات والحقيقة تطلقان على الماهية مع اعتبار الوجود الخارجي.