أن يكون الأمر عليه.
فحدّ الاسم الرب لهم الحدود ، ووضع لهم المراسم لإصلاح المملكة ، و (لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (١).
أصل
ثم ليعلم أن فعله تعالى إفاضة الوجود مطلقا ، وأثره لوازم الوجودات من الماهيات وسائر الصفات الفعلية راجعة إلى الإبداع للوجود ؛ لأنّه سبحانه بسيط الحقيقة ، لا كثرة له بوجه من الوجوه ، ففعله يجب أن يكون واحدا على ما دريت ، فإنّ ما يوجد منه إنّما يوجد بما هو هو ، لا بما هو غير ذاته ، وما يفيض منه فإنّما ينبعث عن صريح ذاته ، وحاق حقيقته ، من غير صفة زائدة ؛ لتعاليه عنها ، وتقدّسه.
فأوّل ما نشأ من الوجود الحق الغني بالذات ، الّذي لا وصف له ، ولا نعت ، إلّا صريح ذاته المندمج فيه جميع الحالات والنعوت الجمالية والجلالية ، بأحديّته ، وفردانيته ، من حيث الاسم الله ، المتضمّن لسائر الأسماء ، هو الوجود المطلق المنبسط الّذي يقال له الهوية السارية ، وحقيقة الحقائق.
وهذه المنشئية ليست إيجادا ؛ لأنّ الإيجاد من حيث كونه إيجادا يقتضي المباينة بين الموجد والموجد ، فهي إنّما تتحقق بالقياس إلى الوجودات الخاصة المتعيّنة ، من حيث تعيّنها واتصاف كلّ منها بعينها الثابتة الّتي تنشأ من هذا الوجود المطلق ، من حيث خصوصيات أسمائه الحسنى المندمجة في الاسم الله ،
__________________
(١) ـ سورة الكهف ، الآية ٧.