وإن كانت تلك أيضا لا تزيد على هذا الوجود من وجه ؛ حيث إنّه ذو جهتي وحدة وكثرة ، كما دريت في الأصول ، فسبحان من ربط الوحدة بالوحدة ، والكثرة بالكثرة ، وإلّا لم يكن بين المؤثر والمتأثّر مناسبة ، وهو ينافي التأثير والإيجاد.
ونزيدك ، فاسمع :
وصل
قد دريت أن موجودات العالم لا حقائق لها متأصلة سوى كونها مضافة إلى موجدها ، ومتعلّقة بها ، وما يجري مجرى ذلك ، وأن ليس لها هوية مستقلّة سوى هوية موجدها وقيّومها.
ودريت في موضع آخر أنّ أفعاله سبحانه وآثاره هي بعينها أسماؤه الحسنى ، وكلماته الّتي لا تنفد ، من حيث ظهوراتها على وجه تفصيلي تظهر بحسبها صفاتها وكمالاتها بصور متعددة ، متمايزة بعضها عن بعض.
ودريت أن الاسم هو الذات المتجلّي بصفة من الصفات ، وتعيّن من التعيّنات ، فأفعاله سبحانه بعينها هي ذاته المتعيّن بتعيّنات مختلفة من حيث ظهوره التفصيلي ، فالوجود المطلق يتجلّى فيتعيّن ويتناهى ، ويظهر ظهورا تفصيليا تصدر منه بحسبه الآثار ، فيصير خلقا من الخلائق ، وإيجاده سبحانه للعالم عبارة عن هذا التجلّي والظهور ، فالعقل والنفس والفلك والأجرام كلها أسماء على الحق تعالى (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (١).
__________________
(١) ـ سورة يوسف ، الآية ٤٠.