يصدر عنه بالحقيقة ، لا بالمجاز ، ومع ذلك ففعله أحد أفاعيل الحق الأوّل ، بلا شوب قصور وتشبيه ، تعالى الواحد القيّوم عن نسبة النقص والشين إليه.
فالتنزيه والتقديس لله سبحانه بحاله ؛ لأنّه راجع إلى مقام الأحدية الّتي يستهلك فيه كلّ شيء وهو الواحد القهّار ، الّذي ليس أحد غيره في الدار ، والتشبيه راجع إلى مقامات الكثرة والمعلولية ، والمحامد كلّها راجعة إلى وجهه الأحدي ، وله عواقب الثناء والتقاديس ، كذا أفاد أستاذنا ، سلمه الله (١).
وقال : «فاخمد ضرام أوهامك أيها الجبري ، فالفعل ثابت لك بمباشرتك إياه ، وقيامه بك. وسكّن جأشك أيها القدري ، فإنّ الفعل مسلوب منك من حيث أنت أنت ؛ لأن وجودك إذا قطع النظر عن ارتباطه بوجود الحق فهو باطل ، فكذا فعلك ؛ إذ كلّ فعل متقوّم بوجود فاعله.
وانظرا جميعا بعين الاعتبار في فعل الحواسّ كيف انمحى وانطوى في فعل النفس وتصوّرها في تصور النفس ، واتلوا جميعا قوله تعالى : (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ) (٢) ، وتصالحا بقول الإمام بالحق : «لا جبر ، ولا تفويض ، بل أمر بين أمرين» (٣)» (٤).
__________________
(١) ـ الأسفار الأربعة : ٦ : ٣٧٤.
(٢) ـ سورة التوبة ، الآية ١٤.
(٣) ـ الكافي : ١ : ١٦٠ ، ح ١٣.
(٤) ـ الشواهد : ٥٨.