وصل
ولأجل هذا التطابق بين الجبر والتفويض ، والتوافق بين الوجوب والإمكان ، نسب الله الأفعال في القرآن مرّة إلى نفسه ، ومرّة إلى الملائكة ، ومرّة إلى العباد ، فقال تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) (١) ، وقال : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) (٢).
وقال سبحانه في نفخ الروح في مريم ، على نبيّنا وعليهاالسلام : (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) (٣) ، وقال : (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) (٤) ، وفي الحديث : أنّ النافخ جبرئيل.
وقال عزوجل في القتل : (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ) (٥) ، فأضاف القتل إلى العباد ، والتعذيب إلى نفسه ، والتعذيب عين القتل هنا ، وقال : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ) (٦).
وقال في الرمي : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) (٧) ، وهو جمع بين النفي والإثبات ظاهرا ، ولكن معناه : وما رميت بالمعنى الّذي يكون العبد به راميا ، إذ رميت بالمعنى الّذي يكون الربّ به راميا ، إذ هما معنيان مختلفان.
__________________
(١) ـ سورة الزمر ، الآية ٤٢.
(٢) ـ سورة السجدة ، الآية ١١.
(٣) ـ سورة التحريم ، الآية ١٢.
(٤) ـ سورة مريم ، الآية ١٧.
(٥) ـ سورة التوبة ، الآية ١٤.
(٦) ـ سورة الأنفال ، الآية ١٧.
(٧) ـ سورة الأنفال ، الآية ١٧.