فإن كن عنه معرضات وله غير محبات استهزأن بشيبه ، وإن كن له وامقات وعليه مشفقات يبكين لحلول شيبه ، لفوت تمتعهن بشبابه وتلهفا على ما مضى من زمانه.
فأما قوله (لو طلعن بأسعد) فإنما تمنى ذلك وتلهف عليه ، كما قال في موضع آخر:
وتعجبت من لوعتي فتبسمت |
|
عن واضحات لو لثمن عذاب |
ولم يجعل ذلك شرطا في أنهن عذاب واضحات كما لم يجعل تشبيه الشيب بالنجوم مشروطا بطلوع السعود ، وإنما تمنى ذلك وتلهف عليه ، أو لأنه حكى عن محبوبته أنها شبهت الشيب بالنجوم على سبيل التهجين له والازراء عليه إرادة أن تسلب الشيب فضيلة النجوم وإنه أشبهها منظرا فما أشبهها فضلا ومنفعة فقالت لو طلعن بأسعد أي طلوع الشيب بضد السعادة ، وإن كان طلوع النجوم قد يكون بالسعد وهذا تدقيق مليح وتصرف قوي.
* * *
وله من قصيدة :
عنت كبدي قسوة منك ما أن |
|
تزال تجدد فيها ندوبا |
وحملت عندك ذنب المشيب |
|
حتى كأني ابتدعت المشيبا |
ومن يطلع شرف الأربعين |
|
يلاق من الشيب زورا غريبا |
* * *
وله من قصيدة :
وقد دعا ناهيا فأسمعني |
|
وخط على الرأس مخلص شعره |
شيب أرتني الأسى أوائله |
|
فليت شعري ماذا ترى آخره |