والبيت السابع مكشوف المعنى ، وكذلك الثامن.
فأما البيت الأخير فإن غاية ما يمدح به الشيب ويفضل له أن يقال : إن العمر فيه ممتد يزيد على العمر في الشباب ، فكأنني سلمت هذا الذي تدعى به الفضيلة والمزية وقلت: إذا كان المشيب لم يدع شيئا سوى النفس الدال على وجود الحياة مجردة من كل انتفاع والتذاذ وبلوغ أرب ووطر ، فأي فائدة في طول عمر بلا منفعة ولا لذة ولا متعة ، وإنما يراد تطاول العمر لزيادة الانتفاع وطول الاستمتاع.
* * *
ولي في مثل ذلك وهي قطعة مفردة :
لا تنظري اليوم يا سلمى إلي فما |
|
أبق المشيب بوجهي نضرة البشر |
جنى علي فقولي كيف أصنع في |
|
جان إذا كان يجني غير معتذر |
عرا فأعرى من الأقطار قاطبة |
|
قهرا وألبسني ما ليس من وطري |
وقد حذرت ولكن رب مقترب |
|
لم أنج منه وإن حاذرت بالحذر |
فإن شكوت إلى قوم مساكنهم |
|
ظل السلامة ردوني إلى القدر |
كوني كما شئت في طول وفي قصر |
|
فليس أيام شيب الرأس من عمري |
فقل لمن ظل يسلي عن مصيبته |
|
لا سلوة لي عن سمعي وعن بصري |
شر العقوبة يا سلمى على رجل |
|
عقوبة من صروف الدهر في الشعر |
إن كان طال له عمر فشيبه |
|
فكل طول عداه الفضل كالقصر |
يلين منه ويرخى من معاجمه |
|
كرها ولو كان منحوتا من الحجر |
فإن تكن وخطات الشيب في شعري |
|
بيضا فكم من بياض ليس للغرر |
ما كل إشراقة للصبح في غلس |
|
وليس كل ضياء من سنا القمر |
معنى قولي " وكل طول عداه الفضل كالقصر " أن طول الزمان إنما يحمد